مقالات
ماذا يفعل العليمي طوال اليوم؟
من المحتمل لو أن رشاد العليمي قادته الظروف ليصبح رئيسا لليمن في وقت آخر لكان قد فعل شيئا يُذكر لهذا البلد المسحوق بالحرب والأطماع الدولية.
الرجل لا ينقصه الذكاء أو القدرات الإدارية أو الخبرة في مجال الحكم، وفوق ذلك يتمتع بقبول سياسي في أوساط النخب الحاكمة والمعارضة في معسكر الشرعية.
عند تعيينه كان يقال في الأوساط السياسية والثقافية: إن الرجل مؤهل لهذا المنصب، وكان معظم هؤلاء ممن تحدثوا هكذا قد عرفوا الرجل حين كان وزيرا في نظام صالح منذ بداية التسعينيات.
لكن حتى الآن لم يفعل الرجل شيئا يذكر بدولة هادي التي استملها وهي في حالة انهيار تام.
التعيينات الإدارية التي قام بها علانية أو سرا وهي بالمئات لا تصب أبدا في صالح استعادة الدولة ولن تؤدي أبدا إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، هي تعيينات إدارية وشكلية في معظمها.
هل الظروف أكبر من الرجل الذي كان من الأفضل له خلافا لما هو مقدر أن يقود سفينة في بحر هادئ لا تعصف بها الرياح كحال اليمن الآن.. ربما كذلك، لكن ليس هذا ما جاء من أجله العليمي، وما يأمل منه الشعب وما يرجو.
تظهر الأحداث الكبيرة قدرة الرجال على القيادة والصلابة إن كانت مدفونة عميقا داخل الشخصية، وربما تدفعهم لأن يمتلكوا تلك الصفات.. دفعت الأحداث التي مرت بها ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ليكون هتلر واحدا من سياسيين لم تثق به النخبة في البداية وشكوا في قدراته كثيرا، لكنهم أفسحوا لهذا الشاب المجال على طريقة إفساحنا للحوثيين لتصفية حسابات كبيرة وقديمة بين النخب السياسية، وتلك ضريبة تدفعها دائما الطبقة السياسية التي عرفت بعضها لعقود ونشأت بينها الكثير من الأحقاد.
لكن الرجل سرعان ما تحول إلى قائد بفعل الظروف قبل أن تكون بفعل الشخصية.. هتلر نفسه هو الذي قال إنك ترى الرجل هادئا وسلسا وساكنا من الداخل، ولكن الأحداث الكبيرة التي قد يمر بها تجعل منه قائدا صلبا وإنسانا آخر.
وإن كانت الأحداث في اليمن لا تتحول نحو الأفضل منذ عامين، فمن حقنا أن نتساءل: ماذا يفعل رشاد العليمي طوال اليوم؟ وأتمنى أن لا تكون الإجابة: إن مهمته تقتصر على أنه يمنع تدفق السيل من أن يكون أكبر، فالسيل يكبر في اليمن حتى إنه يكاد أن يجرف ما تبقى من الدولة وكل شيء.