مقالات

معركة "المناطق الوسطى".. امتحان جديد

20/11/2021, 15:05:44
المصدر : بلقيس - خاص

منذ يومين، بدأت أخبار المعارك تتوالى من المناطق الغربية لتعز (مقبنة -الوازعية)، وجنوب شرق الحديدة (حيس - الجراحي)، وبالتماس مع مناطق جنوب إب وجنوب غربي تعز، هذا التحرّك في المناطق الداخلية للحديدة وبالتماس مع محافظتي تعز وإب، يعيد التذكير بخارطة حرب "المناطق الوسطى"، مع تغيّر هُوية المعركة بالطّبع. 

طوال الثلاث سنوات الأخيرة من المعركة، ظلت "القوات المشتركة" عاطلة في الساحل الغربي وعلى مشارف الحديدة، لأسباب إقليمية ودولية معروفة، كانت مثار استفهام كبير، ما الذي تصنعه القوات هناك؟ إذْ لا يكفي "اتفاق استوكهولم" لتبديد التساؤلات هذه، حتى جاءت الحركة الأخيرة أو ما سُمي "إعادة التموضع" ليتبعه تحرك جديد باتجاه الداخل البري لمحافظة الحديدة، أيْ سلوك طريق أخرى لمجابهة الحوثي من اتجاه موازٍ. 

يمكن القول إن التحرّكات الجديدة للقوات المشتركة في مناطق الداخل التهامي هي أول امتحان لمدى جديّة هذه القوات في مواصلة المعركة ضد جماعة الحوثي، وهذا الأمر مقرون بمدى استمرار المعركة بشكل مرتّب حتى النهاية  وهو ما سيتكشف لنا في الأيام المقبلة. 

لا يكفي أن تتحرّك "القوات المشتركة" لتحقيق انتصارات محدودة هنا وهناك، بغرض استرداد مصداقيتها، وتهدئة الرأي العام الساخط من انسحابها من مناطق الساحل، بل عليها أن تؤكِّد امتلاكها خطة عسكرية منظّمة تواصل بموجبها التحرّك دونما توقّف تحت أي مبرر كان. 

حتى الآن لم تتكشف استراتيجية المعركة بشكل واضح، ولا أحد يستطيع التكهُّن ما إذا كانت "القوات المشتركة" تتحرّك مدفوعة بمخطط كامل يسعى لتطويق الحديدة والتحام جبهة "حيس - الجراحي" بمناطق جنوب غرب تعز (مقبنة - البرح - شرعب الرونة) أم لا، كما لم نسمع عن تصريحات تتعلق بالتنسيق بين قوات الجيش الوطني في تعز و"القوات المشتركة" في الساحل. 

وليس كشفا جديدا القول إن الحوثي لا يملك أي وجود عسكري حقيقي في المناطق الوسطى التي تدور فيها المعارك حاليا، باستثناء وجود هامشي شكلي، يمكن تجاوزه دونما أي كلفة كبيرة، بل إنّ أغلب العناصر المحسوبة على الحوثي في تلك المناطق ستُسلم بمجرد اقتراب "القوات المشتركة" منها. 

يمكن القول إن "القوات المشتركة" تخوض حربا في أكثر المناطق الجغرافية مناهضة للحوثي، ولا يتوفّر له فيها أي ولاء حقيقي، بل هي حواضن للكتلة الشعبية المدنية والجمهورية. ففي هذه المناطق الوسطى، يتكتّل المخزون البشري الأكبر للجمهورية، وتحريره يعني تحرير ملايين البشر من سلطة الكهنوت الحوثي، وهو ما يمنح المعركة زخماً كبيراً.

طوال سنوات الحرب، لم تتمكّن جماعة الحوثي من تجيير أبناء المناطق الوسطى بشكل كبير، كما حدث في بقية المحافظات الشمالية في الجبل، صحيح أنه -وبسبب سيطرته العسكرية وفرض سلطته في هذه المناطق- تمكّن بمستوى معيّن من حشد أعداد معيّنة من أبناء هذه المناطق، لكن القطاع الأعظم من السكان ظل متمنعاً ورافضاً الانخراط مع مشروع الإمامة الجديد.

بعد سنوات من جمود المعركة مع الحوثي في أغلب الجبهات الشمالية باستثناء مأرب، ومناوشات متقطّعة في تعز، ها هي الحركة الجديدة للقوات المشتركة تُعيد تنشيط المعركة، وتكشف إمكانية كسر هذا الجمود، ودحر الحوثي من مناطق لا يملك فيها أي مؤهلات للبقاء. 

فعلى سبيل المثال: إنه لأمر صادم، وغير قابل للتفسير، ذلك الذي بموجبه غدت شرعب "الرونة والسلام"، تحت سيطرة جماعة الحوثي، شرعب التي لا تستطيع أن تشكك بعُمق مناهضتها للحوثي، ووجود كتل اجتماعية فيها على درجة عالية من التنظيم والقدرة على المجابهة، لكنّها  ولظروف تتعلق بطبيعة البدايات التي مكّنت الحوثي من التغلغل في هذه المناطق، ظلّت أسيرة له على المستوى الأمني، رغم نبذ المجتمع له بقطاعه الأكبر، وسوف تستعيد هذه المناطق هُويتها الأصلية لمجرد انزياح هذا الكابوس. 

الخلاصة: الناس -رغم يأسهم الكبير- ظلّت قابليّتهم النفسية للتجاوب مع أي معركة ضد الحوثي قائمة، يتابعون الأخبار بحذر مشوب بالأمل، لكنّهم في نهاية المطاف ينتظرون أي فُرجة تحررهم من هذا الكابوس الرازح على صدورهم منذ سنوات، وفي أعماقهم صوت يتردد:

 نتمنى ألا يخذلونا هذه المرّة.

مقالات

أبو الروتي (3)

(لحظة انطلقت بنا السيارة شعرت بأنّي كبرتُ، ولم أعد طفلا) فيما رحت أتقدّم باتجاه بيت جدي علي إسماعيل، تذكّرت كلام جدتي، وهي تودّعني عند مشارف القرية، وتقول لي:

مقالات

المساندة لكيان الاحتلال والأكفان لفلسطين!

منذ البدء؛ اختارت الكثير من الأنظمة العربية توزيع الأكفان في غزة. كان ذلك يختصر كل شيء: نتنياهو مطلق اليد، يتولى ذبح الفلسطينيين، بينما ستحرص هذه الأنظمة على أن يكون تكفين الضحايا عربياً خالصاً!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.