كان الملك "جلجامش" في الأسطورة الشهيرة يعيش حالة من الرعب، فكلما تقدم به السن تذكر بأن الموت سيدركه، لجأ من أجل تبديد مخاوفه إلى الحكماء؛ الذين بدورهم أشاروا عليه بـ"زهرة الخلود"، أخبروه بأن هذه الزهرة لا أحد يستطيع الوصول إليها سوى رجل الغابة "أنكيدو"

وجدتُ رواية "البراغيث" للشاعر والأديب المعروف عبدالله سلام ناجي (1939- 1999) بالصدفة في أحد أرصفة صنعاء، وهي أرصفة فقيرة ومعدَمة، لم تعد تستقبل سوى مكتبات الذين جار عليهم الزمن، ففقدوا وظائفهم

أتذكر، في أول يوم دراسي ذهبت فيه إلى الجامعة، أن أحد الدكاترة العرب، حسام الخطيب (سوري من أصول فلسطينية)، سألنا ونحن في قاعة الدرس: هل تعرفون على ماذا يقوم العلم اليوم؟ وكانت الإجابات متفرّقة وعميقة أحياناً، إلى أن قال أحد الطلاب: يعتمد العلم اليوم على الأبحاث العلمية، التي يقوم بها أساتذة على درجة من التفوق، وينشرون هذه الأبحاث في مجلات وكُتب صادرة عن مراكزهم البحثية، التي يعملون فيها..

أثار انتباهي في السنوات الأخيرة ظهور الكثير من الوثائق والصور والأفلام التي تُعرض عبر القنوات الفضائية اليمنية، وهي وثائق تحكي عن ملاحم سطّرها أبناء مدينة عدن في نضالهم ضد الاستعمار - البريطاني البغيض - الذي رزح بين ظهرانيهم 129 عاماً

لعلها مأساة المثقف الذي إن نجا من فخ لاحقته الأفخاخ طوال العمر، فحين فرّ عبدالحميد الكاتب بمعية مروان بن محمد -آخر خلفاء بني أمية- قال مروان: "اُنج بنفسك يا عبدالحميد فإنهم إن قتلوني خسرني أهلي وحدهم، وإن قتلوك خسرك العرب جميعاً"،