تقارير
فرصة لن تتكرر... ما الذي على اليمنيين فعله لقطع يد إيران كما قطعت في سوريا؟
مع سيطرة المعارضة السورية المسلحة على مدن وقرى سورية، والإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد، بعد أكثر من خمسة عقود من الدكتاتورية والاستبداد والظلم، بدأ الحديث يدور حول إمكانية تكرار هذا السيناريو في دول عربية أخرى سيطرت إيران على عواصمها، وهل فعلا بدأت أحجار الدومينو بالتساقط واحدة تلو الأخرى، كما حدث ذلك سابقا حين استولت إيران على عواصم عربية بشكل متتابع وبوقت قياسي؟
تتجه الأنظار نحو اليمن، وبالتحديد المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، ومنها العاصمة صنعاء؛ على اعتبار أن الملفات الإقليمية، سواء كانت اليمنية أو السورية أو العراقية أو اللبنانية، جميعها متشابكة، إضافة إلى أن اللاعبين الإقليميين، والدوليين، هم ذاتهم فاعلون في هذه الملفات.
الثورة اليمنية -رغم إطاحتها بـ علي صالح- بقيت تترنح بمخرجات توقفت قبل مرحلة التنفيذ، وبدخول مليشيا الحوثي، والتدخلات الإقليمية، تغيّرت خارطة الأحداث. لكن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العلمي، في تهنئته للشعب السوري بمناسبة سقوط نظام بشار، أكد أن الوقت حان ليرفع النظام الإيراني يده عن اليمن، وأن يحترم سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم، وصنع مستقبلهم الأفضل، الذي يستحقونه.
- تماثل كبير
يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي: "سوريا تحتل مكانا مفصليا على مستوى الجغرافية، وعلى مستوى العالم، يعني ليس فقط على مستوى المنطقة، ثم إنها تكتسب رمزية تاريخية؛ كونها عاصمة أكبر. وأهم إمبراطورية إسلامية، وهي الدولة الأموية".
وأضاف: "هناك تماثل كبير جدا بين اليمن وسوريا، فسوريا كانت مرتهنة بالكامل للإرادة الخارجية، واليمن أيضا مرتهنة بالكامل للإرادة الخارجية، غير أنه في لحظة مفصلية مهمة جدا ثمة إرادة خيِّرة دفعت بسوريا نحو الوضع الذي نراه اليوم، وهيأت الوضع لمقاتلي سوريا، ولرجال سوريا الأبرار بأن ينجزوا هذا النصر المظفر".
وتابع: "التعقيدات هائلة في سوريا، وأكثر من اليمن بكثير، حيث هناك تشابه نعم؛ لكن التعقيدات والصعوبات في سوريا كانت أكبر بكثير، مثلا تحدي الانفصال، هناك رغبة أمريكية - إسرائيلية للدفع بالفصائل اليسارية الكردية لإقامة دولة، واقتطاع جزء من سوريا، وإقامة الدولة في خاصرة الدولة التركية، وهذا مشروع لا يمكن هزيمته إلا عسكريا في كل الأحوال".
وأردف: "هناك أيضا محاولة لفرض أقلية طائفية، أو استمرار فرض أقلية طائفية تتحكم بالأغلبية، كما هو الحال بالنسبة لدى اليمن".
وزاد: "الانفصال في اليمن، وهيمنة الأقلية الطائفية، هاتان حالتا تشابه، ثم أن هناك حالة استهداف ممنهج للأغلبية، وهذا حدث في سوريا، ويحدث في اليمن، هناك تشريد للأغلبية، وكل من لهم صلة باستعادة الدولة اليمنية الجمهورية، هؤلاء شتتوا وفُرق شملهم، ووزعوا في الأرض، وأصبحوا نازحين فقدوا ممتلكاتهم، تعرّضوا للاعتقالات للإهانة، ولكل صنوف الإيذاء".
وقال: "كان هناك تآمر دولي وإقليمي على سوريا أجهض ثورة الشعب السوري السلمية، التي أرادت الوصول إلى الحرية، وأجبروا الشعب السوري أن يدفع كل هذه الأثمان، والشعب السوري لم يدفع هذه الأثمان خلال الحرب، وإنما كان يدفع أثمانا باهظة خلال فترات حكم آل الأسد المجرمين، فالحديث الآن يجري عن وجود 300 ألف معتقل، أي ما يعادل سكان دولة خليجية، وهؤلاء فقط في المعتقلات، منهم من فقد عقله، من هم من فقد مشاعره وأحاسيسه، لم يعد يعرف أين هو؟ وهناك نساء".
وأضاف: "هذا التماثل بين اليمن وسوريا يدفع الجميع إلى ضرورة استدعاء النموذج السوري بصورته المشرقة، ولكي نستدعي النموذج السوري، علينا أن نفكر في الدور المفترض، في من يصادر إرادة الشعب اليمني، ومن يعطل قدرات الشعب اليمني؛ ليس فقط على العمل العسكري، وإنما التعطيل حتى على المستوى الاقتصادي".
وتابع: "هنا ينبغي أن تتجه الأنظار اليوم إلى من تقع عليه المسؤولية، من أجل استنهاض الشعب اليمني، وتحقيق ما تحقق في سوريا".
- العدو مشترك
يقول الضابط في الجيش الوطني العقيد عنتر الذيفاني: "الانتصار في سوريا ليس فقط للشعب السوري، وإنما هو انتصار للأمة عموما، ونحن في اليمن استقبلنا هذا الانتصار بالفرح والسرور؛ لأن انتصار الشعب السوري هو انتصار للشعب اليمني، فقضية الشعب السوري هي نفس قضية الشعب اليمني، والعدو مشترك".
وأضاف: "سوريا، التي اختطفت منذ بداية الثمانينات، هي نفس القضية اليمنية، التي اختطفت في العام 2014، فقضية الشعب السوري هي قضيتنا، ونفس الموقف، ونفس العدو، لذا كانت الاحتفالات في مأرب وتعز وعدن، وفي كل المحافظات اليمنية، بما في ذلك المحافظات الواقعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، الشعب اليمني احتفل وكأن ثورته هي التي انتصرت".
وتابع: "هذا يدل على واحدية القضية والهدف والمبادئ، وواحدية الشعور العربي، والهم العربي المشترك".
وأردف: "هذا الانتصار ولَّد لدى الشعب اليمني، وخاصة في الجيش الوطني وفي المقاومة، قوة ومعنوية كبيرة من أجل التسريع باستعادة وتحرير المناطق اليمنية، الواقعة تحت سيطرة الحوثي، وتحرير صنعاء كما تحررت دمشق، وكسر يد إيران في هذا البلد العربي، الذي يمثل أصل العروبة".
وزاد: "هذا الزحف، الذي شاهدناه من إخواننا في سوريا، حينما مدت لهم يد العون المخلصة والصادقة، كانت أيام قليلة فقط، وهذه الأيام رفعت معاناة عشرات السنين، ونحن لسنا أضعف أو أقل قوة من الثوار السوريين، فالجيش الوطني اليمني هو من أصدق وأخلص الجيوش -في نظري- على مستوى العالم".
وقال: "الجيش الوطني الصابر صاحب العزم، الذي يصبر على المعاناة والذي يصبر على كل شيء، ما ينقصه هو أن القيادة السياسية تكون عند مستوى شجاعة هذ الجيش، وعند مستوى طموحات الشعب اليمني".
وأضاف: "على القيادة السياسية أن تمتلك القرار السياسي، وأن تمتلك القرار العسكري، وتعود من خارج البلد إلى هذا البلد، وتستشعر مسؤوليتها التي أنيطت بها، وأن تقتنص هذه الفرصة".