تقارير
هل تستجيب الحكومة لمطالب المعلمين وتتفهم المطالبات بتوفير حقوقهم؟
يواجه القطاع التعليمي في اليمن أزمة خانقة تتجلى آثارها في إضرابات المعلمين عن العمل واحتجاجهم للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وتحسين ظروفهم المعيشية.
في مناطق سيطرة الحكومة يعاني المعلمون من عدم انتظام صرف الرواتب وتدني قيمتها الشرائية في ظل التضخم المتزايد، بينما في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي ينقطع الراتب عن المعلمين منذ عشر سنوات ويعيشون على المساعدات الإنسانية الهزيلة
هذا التردي أدى إلى شلل شبه تام للعملية التعليمية، فمنذ شهرين يخوض المعلمون في تعز إضرابا عن العمل، سبق أن خاض المعلمون في حضرموت، احتجاجا مماثلا العام الماضي.
وبالنظر إلى الواقع فإننا أمام كارثة وخيمة العواقب على مستقبل اليمن وحاضرها، فالجهل والأمية طريق مؤكد للفقر والجريمة، وانتشار الخرافات ونقص الوعي في ظل هذه الأزمة المتفاقمة.
أسباب ومطالب
يقول رئيس اللجنة التحضيرية لاتحاد التربويين بمدينة تعز، أمين المسني، إن الإضراب جاء بعدما وصل المعلم إلى حافة الهاوية، عندما وصل المعلم إلى أنه يلقط علب الماء والعلب البلاستيكية لبيعها، وإلى فقر مدقع في بيته وابنه يموت جوعا لعدم قدرته على شراء علبة الحليب.
وأضاف: وصل المعلم لقرار الإضراب بعدما نادى وناشد السلطات، ولكن لا حياة لمن تنادي، وعندما يموت زميله ولم يجدوا من يسعفه وهذه كانت آخر حادثة قبل يومين في تعز، مات أحد المعلمين كان عنده القلب بسبب عدم قدرته على شراء العلاج، أو الرقود في قسم عناية القلب، ووصل للمستشفى وهو ميت.
وتابع: الإضراب جاء بعدما وصل المعلم إلى حالة نفسية سيئة، ووصل الحال إلى أن أحد المعلمين في منطقة البساتين بعدن انتحر قبل يومين، كما نشر في وسائل التواصل الاجتماعي.
وأردف: المعلم أصبح مضطرا للإضراب ليس من قناعة ولا حبا بالإضراب، وإنما وصل إلى حاله تستدعي أن يضرب.
وزاد: أصبح المعلم معرضا للسخرية والاستهتار، عندما يوقف الطالب الدراسة والتعليم و يذهب إلى المعسكرات أو إلى أي عمل آخر ويحصل على الألف السعودي والمعلم راتبه 100 ريال سعودي.
وقال: خريجو 2011 رواتبهم من 50 ألف ريال، والكيس القمح الآن يصل إلى 55 ألفا، بدون أجور النقل، والقطمة الرز تصل إلى 30 ألفا، يعني الراتب لا يكفي حتى لشراء أبسط الحاجات الأساسية.
وأضاف: نحن مطالبنا كمعلمين أن نعيش حياة كريمة، كتربويين ومعلمين، أن تعطى حقوقنا كمعلمين لكي نعطي للطالب حقه، ومحن تقدمنا بعدة مطالب، ولم نكن لنصل إلى هذه المرحلة لولا تجاهل السلطة والحكومة
وتابع: نحن نطالب بتحسين الأجور بما يتناسب مع غلاء المعيشة، من خلال إعادة الراتب إلى ما يعادل سعره بالريال السعودي في عام 2014، حيث كان سعره ما يعادل 1500 ريال سعودي، أما الآن أصبح لا يساوي 200 ريال سعودي.
وأردف: طالبنا أيضا بصرف المرتبات الشهرية بصورة مستمرة، حيث في بعض الأحيان يمر أكثر من شهر ونصف ولم يصل الراتب، ويبقى المعلم مهددا بالطرد من سكنه، ومن صاحب البقالة، ومهددا بالسجن بسبب تأخير الراتب.
وزاد: كما طالبنا بصرف الرواتب المتأخرة منذ عامي 2016 و 2017، حيث هناك نحو 9 رواتب عند الحكومة، لم تصرف، وهذا لم يحصل أن المعلم يدين الحكومة إلا في اليمن.
وقال: نطالب أيضا بصرف البدلات والعلاوات، حيث منذ 2014، ليس هناك تسويات ولا علاوات، وبقي الراتب ثابت كما هو والعملة تنهار والأسعار ترتفع بشكل جنوني، إضافة إلى مطالبتنا بتسوية أوضاع المعلمين الموظفين في عام 2011، الذين لا حول لهم ولا قوة، حيث يستلموا 45 ألف ريال، ووضعهم يدمي العين، كما نطالب بتسوية أوضاع الموظفين النازحين إلى مناطق الشرعية، حيث لهم منذ 6 أشهر بدون رواتب.
وأضاف: طالبنا أيضا بصرف طبيعة العمل، وأهم شيء طالبنا فيه، التأمين الصحي، وهذا المطلب قدمناه لمحافظ تعز نبيل شمسان، ووزير الصحة، بأن يوجهوا المستشفيات الحكومية أن تستقبل المعلم ومن يعول، فهو الذي درس الطبيب والدكتور.
وتابع: المطلب الأخير ما يتعلق بمعلمي المدارس الخاصة، الذين يستلمون 30 ألف شهريا، وليس لديهم تأمين صحي، يجب أن يوضع لهم حلا، أو يتم توظيفهم.
وتساءل: هل يستطيع أن يعيش المسؤول أو وزير التربية والتعليم أو رئيس الوزراء شهرا واحدا بدون راتب؟
إهانة للمعلم
تقول الصحفية المتخصصة في القضايا الإنسانية والإعلام التربوي، الدكتورة نبيلة سعيد، نحن صراحة في وضع صعب جدا، وهناك مواثيق وأخلاق تسن في أوقات الحرب والحصار، تحترم آدمية الإنسان أينما كان هذا الإنسان سواء كان طبيب أو معلم أو مهندس.
وأضافت: أنا أرى أن هناك انتهاكات خارج نطاق آدمية الإنسان، وأنا لا أتحدث الآن عن أي انسان، إنما أتحدث عن معلم، الذي يعد مسؤولا عن المورد البشري وعن تغذية عقل وذهن وتاريخ الأجيال القادمة.
وتابعت: عندما يقول المعلم أنه يستلم راتب بقيمة كيس قمح أو أقل أحيانا، هذا يعني أننا نتحدث عن شخص يبذل وقته كله من أجل فقط جزء من وجبة، وهذه حالة لا أعتقد أنها تتساوى مع السوية الإنسانية التي من المفترض أن يعيش فيها الإنسان بكرامة.
وأشارت إلى أنه في ظل الوضع القائم من المفترض أن تكون هناك معالجات بديلة أو حتى مؤقتة أو هناك سلطة لا بد أن تقوم بمهامها في هذه الفترة.
وأردفت: منذ 2017 حتى الآن، هناك انقطاع للرواتب وهناك إهانة مستمرة للمعلمين، البعض منهم أضرب، وبعضهم انتهى به المطاف في الطرقات يبحث عن قوت يومه، أو توقف تماما عن التعليم وأصبح يبحث عن لقمة العيش بأي طريقة كانت.
أزمة ثقة
يقول الناشط الإعلامي التربوي برهان مانع، إن قضية المعلمين هي قضية حقوقية بامتياز، إضافة إلى أن النقابات كانت تجتمع مع رئيس الوزراء السابق معين عبد الملك أونلاين، ولم تر لم غير الوعود التي ذهبت في مهب الريح.
وأضاف: كان دور النقابات في السابق مترهلا، لكن اليوم النقابات التعليمية تعافت وتسير في الطريق الصحيح، للمطالبة بحقوق المعلمين والمعلمات، غير منقوصة.
وتابع: نحن تابعنا تصريح رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك وتعهده بمعالجة الأوضاع، لكن في حقيقة الأمر هناك فجوة وأزمه ثقة، حيث لم نر هذه التوجيهات والإجراءات على الأرض.
وأردف: رئيس الوزراء تعهد بصرف رواتب المعلمين قبل المسؤولين، وهم يستلمون بالدولار، ونحن اليوم في عدن لأول مرة في التاريخ تشهد عدن انقطاع الكهرباء في جميع محطاتها الكهربائية.
وزاد: نحن مع حقوق الطالب ومع عودة المعلم إلى المدرسة، لكن الحكومة لم تهتم بحقوق المعلمين، في ظل تدهور سعر العملة، يعني وصلنا سعر الدولار الواحد 2184 ريال، وهذا الشيء ولا بالخيال، فماذا نتوقع من المعلم أن يقدم بينما راتبه لا يوفر حاجات أسرته ليومين من الشعر؟