مقالات
واحسرتاه على اليمن!
بالأمس، تسمَّر اليمنيون أمام الشاشات يحدوهم أمل كبير بأن يكون لليمن حضور في زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات، والقمة الخليجية، لكن وبكل أسف ظهرت خيبة اليمنيين جميعاً، وأسفرت عن كتابات لبعض الأقلام المميزة، التي صبَّت جام غضبها على الشرعية الفاسدة التي أوصلت نفسها بفسادها إلى هذا الواقع المزري والبائس، حيث لا وجود لوجودهم، وأوصلوا اليمن ليكون نَسْياً منسيّاً. لم يتحدث أحد عن ميليشيا الانقلاب، لأن أمرهم مفروغ منه تماماً، وهو أن وجودهم وبقاءهم مرهون بفساد الشرعية وغياب الرؤية عند دول الإقليم، وأطماع وأحقاد الإمارات التي لا تريد أن ترى يمناً موحداً، وألاعيب الغرب الرأسمالي الوقح.
كثيرون لا يتفقون مع مخرجات السياسة السعودية تجاه اليمن، ويؤكد محمد الخامري بأنه “على قناعة تامة بأن قادة السعودية، وفي مقدمتهم محمد بن سلمان، لو وجدوا رجال دولة حقيقيين في صفوف الشرعية اليمنية، رجالاً يحملون همّ اليمن قبل مصالحهم الشخصية، ويؤمنون بإنهاء الحرب وليس بإدارتها، لكان قد أنهى هذا الملف منذ سنوات، لكنه للأسف اصطدم بجدار من الفساد والنفعية والارتزاق، وبمنظومة يمنية رخوة، تحوّلت إلى مافيا حرب، لا ترى في السلام مصلحة، ولا في استقرار اليمن سوى تهديد لمناصبها ومكاسبها وأرباحها”.
وكان قد أوحى موقف ولي العهد السعودي وفرحته الغامرة عندما أعلن ترامب رفع العقوبات على سوريا، بأن اليمن ينتظره الكثير من الدعم السعودي لو توفّر رجال دولة يمنيون، ولم تدخل اليمن كساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية.
الغريب والعجيب رأيناه في توحّد إرادة السعودية وقطر لإخراج سوريا من النفق المظلم والمعاناة الطويلة، في الوقت الذي نجد هاتين الدولتين منقسمتين حيال اليمن بشكل كبير، حيث ذهبت قطر شرقاً لمساعدة سوريا، وذهبت السعودية غرباً لنفس الهدف والغاية، والسؤال: لماذا ليس اليمن أيضاً؟
كيف يمكن قراءة دعوة بن سلمان لأحمد الشرع للقاء ترامب، في الوقت الذي تم فيه إغلاق غرف الفنادق على الشرعية اليمنية الثمانية دون تلميح حتى، سوى ما سمعناه ورأيناه من تصحيح وتنبيه سعودي لأمير الكويت بخصوص توصيف انتهاء الحرب بين أمريكا والحوثيين غير المعترف بهم دولياً؟
ولا شك أن أقلاماً حرة أخرجت أقلامها لتلقي باللوم على الرأسمالية المتهالكة، وأغنياء الخليج الذين هم جيران اليمن، وقد فتحوا خزائنهم لترامب ويتناسون اليمن الفقير البائس الذي تم اختراع حرب عبثية هجينة لتدمير البلاد والعباد.
يقول القاضي عبد الوهاب قطران، الذي توقّف منذ فترة طويلة عن الكتابة:
“دخلت السعودية والإمارات الحرب بذريعة دعم الشرعية بعد أن تم إسقاط ما تبقى من الدولة، لتغرق في مستنقع لا مخرج منه، وسرعان ما تكشف المشروع الإماراتي البشع في الجنوب عن نزعة استعمارية مباشرة للسيطرة على الموانئ والجزر، فيما انزلقت السعودية إلى مستنقع آخر تُستنزف فيه أموالها دون تحقيق أي نصر استراتيجي. أما إيران، فقد وجدت في جماعة الحوثي فرصة نادرة لتطويق الخليج من خاصرته، وفي الخلفية كانت الولايات المتحدة حاضرة ببرود استراتيجي، غضّت الطرف عن صعود الحوثيين، ثم استخدمتهم لاحقاً كمخالب قط، لإرهاب الخليج واستنزافه وتخويفه. حتى بريطانيا، الإمبراطورية العجوز، عادت لتتسلل من نافذة الحرب عبر شركات السلاح وخبراء السلام وسفرائها الذين يوزعون خرائط النفوذ. الصين وروسيا لم تقفا بعيداً، الأولى وضعت عينها على الموانئ، والثانية وجدت في توازن الفوضى فرصة لتقويض الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وما بين هذه القوى دخلت قطر وعُمان كفاعلين ثانويين في اللعبة، يراهن كلٌّ منهما على أوراق محلية لضمان دور في مستقبل اليمن، على حساب وحدة البلاد واستقرارها. كل زناة الأرض مروا من هنا وتركوا بصماتهم على جراح اليمنيين المفتوحة”.
وكانت حصيلة أمس غاية في القهر والحسرة بين اليمنيين على ما صاروا إليه.