تقارير
هل يتحول اليمن إلى نقطة اشتعال محتملة للصراع الإقليمي؟
تقول الصحف العالمية والمحلية، أبرزها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن مستقبل اليمن على مهب الريح، وربما تكون مصدر إشعال حرب إقليمية قادمة، محذرة من أن تكون اليمن منطلقا لحرب إقليمية بين إسرائيل وإيران.
هذا التحذير جاء على هيئة تحليل في الصحيفة، يقرأ فيها سيناريوهات ما بعد الرد الإسرائيلي على إيران، صبيحة السبت الماضي، حيث اعتبر كاتب التقرير أن الصراع بين إسرائيل وإيران بدأ باتخاذ أوجه مختلفة؛ منها أن صراعهما خرج للعلن عن طريق الاستهدافات المباشرة بينهما، بينما كانتا سابقًا تكتفيان بحرب في الظل عبر أدواتهما.
في اليمن، وفي خضم هذه الأجواء المشحونة، أعلنت مليشيا الحوثي، مؤخرا، تنفيذ قواتها مناورات عسكرية في محافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، في رسالة تحدٍ واضحة باستعدادها للانخراط بشكل أكبر في أي صراع إقليمي، وهو ما يعني أن الأزمة اليمنية مقبلة على تحدّيات معقّدة ستعرقل الوصول إلى تسوية سلمية، كما كانت تجري التحضيرات.
- مبالغة
يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي: "ما من شك أن هناك مبالغات بالنسبة للصحافة الغربية، خصوصا عندما يكون هناك توجّه لشيطنة طرفٍ ما من الأطراف الدولية؟ أو حتى الإقليمية، لذا يجري الحديث بهذا الشكل المبالغ فيه".
وأضاف: "هذا النوع من الحديث كأنه يحيد قرارات مجلس الأمن، التي تمنع أصلا دخول السلاح إلى مليشيا الحوثي، فهنا قرارات واضحة من مجلس الأمن، وروسيا لطالما كانت مؤيده لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالحرب في اليمن، فاليوم الحديث عن أن هناك أسلحة تصل إلى اليمن في معزل عن ما إذا كان يمثل هذا خرقا لقرار مجلس الأمن أم لا، وهنا الخطورة في تقديري".
وتابع: "مسألة أن الحوثيين يمكن أن يكونوا سببا في وصول أكثر من لاعب إلى الساحة اليمنية فهذا وارد، لكن إذا لم يكن الصراع في لبنان سببا في تصعيد صراع المواجهة بين إسرائيل وإيران فلا معنى للحديث عن أي ساحة صراع أخرى".
وأردف: "أنا في تقديري أن لبنان هو المؤشر، وفي لبنان هناك عملية هدم متواصلة للقوة العسكرية التابعة لحزب الله، الذي هو الذراع الأقوى لإيران، الذي بواسطته تؤدي عدة أدوار في المنطقة، وتمارس نوعا من النفوذ العسكري والأمني على المنطقة بوسطة حزب الله والجماعات المسلحة المرتبطة بها، لكن هناك دور محوري لحزب الله".
وزاد: "المبالغة في الصحافة الغربية حول أن اليمن يمكن أن يكون ساحة للصراع اعتقد هناك مبالغة، ولكنها مبالغة خطيرة، وتحيلنا إلى نوعية النظرة التي يحتفظ بها المجتمع الدولي تجاه اليمن، باعتباره ساحة مستباحة".
وقال: "هذا يأتي بسبب ما مارسه التحالف نفسه في اليمن، حيث مارس عبثا لا يمكن تصوّره على الساحة اليمنية، وسمح للحوثيين بالبقاء، وحال دون قيام معركة حقيقية في مواجهة الحوثيين تؤدي الى استئصالهم عسكريا وسياسيا".
وأضاف: "لهذا ما يمكن القبول بوجاهته هو أنه يمكن أن يكون هناك دعم تقني من جانب روسيا للحوثيين، فيما يتعلق بتحديد الأهداف، مما يجعل الأثر العسكري للحوثيين في البحر الأحمر يؤدي دوره على المستوى العسكري والأمني في سياق المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع: "عدا ذلك يعني أنه لا يمكن لليمن أن تتحول إلى ساحة مواجهة بين إيران وإسرائيل، لماذا يذهبون إلى اليمن؟ لماذا لا يتواجهون في لبنان -على سبيل المثال؟ لماذا لا تفرِّغ إيران كل طاقتها العسكرية للحيلولة دون هزيمة حزب الله في لبنان؟".
وأردف: "من المتوقع أنه إذا بقيت اليمن ساحة مستباحة بهذا الشكل، إذا ما بقي للحوثيين هذا الهامش الواسع على المستوى العسكري والأمني على الساحة اليمنية، فهذا يعني أن هناك أكثر من لاعب سيئ يمكن أن يأتي إلى اليمن، ويمكن استخدام الورقة اليمنية في سياق صراعاته، أو استحقاقاته كروسيا مثلا".
وزاد: "هناك ضغط كبير يُمارس على روسيا من قِبل الغرب في أوكرانيا، ويدفعها إلى أن تخسر المعركة، ربما هذا لن يحدث بطبيعة الحال؛ لأن في النهاية روسيا قوة عظمى تريد أن تخلط الأوراق، وخلق تحديات في مناطق صراع حساسة".
وقال: "التفكير بأن اليمن سيصبح ساحة مواجهة بين إيران وإسرائيل هذا في اعتقادي استهتار أولا بالشعب اليمني، وإهانة لشعب تعداده أكثر من 35 مليون نسمة، والقوة الديمغرافية الكبرى على مستوى الجزيرة العربية، فكيف يمكن لهذا البلد الكبير والتاريخي أن يسلم لإيران وإسرائيل بهذه السهولة؟ وهذا طرح يجب أن يستفزنا جميعا كنخب وسياسيين وأحزاب وقادة وحكومة".
- أمر مستبعد
يقول الباحث السياسي المختص في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط؛ وجدان عبد الرحمن: "الرد الإسرائيلي كان متوقعا، وأيضا كنا نتوقع حتى أكثر من ذلك، رغم أن الأهداف التي تم استهدافها هي أهداف مهمة بالنسبة للنظام الإيراني".
وأضاف: "الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإسرائيلية استخدمت أراضي دولة حليفة بالنسبة لإيران، وهي العراق، واستخدمت أجواء العراق لاستهداف إيران، وهذه هي أيضا رسالة إسرائيلية بأنه استطعنا استهدافكم من خلال حليفكم الأساسي، الذي لديكم قرار مهم فيه من خلال أذرعكم".
وتابع: "الأمر الثاني أن الاستهدافات الإسرائيلية أتت للمضادات الدفاعية؛ منها إس 100 التي كانت دائما تتبجح بها إيران بأن لديها دفاعات جوية تستطيع حماية المنشآت النووية، والمنشآت الحيوية، فتم استهدافها".
وأردف: "إذا كانت الدول الغربية سمحت للحكومة اليمنية والشعب اليمني لتمكَّن من القضاء على مليشيا الحوثي، لكن الدول الغربية هي من تماهت مع المليشيا".
وزاد: "ما يحدث في البحر الأحمر له تأثير على أسعار النفط، وروسيا هي بحاجة إلى هذا الأمر، لكن أن يكون اليمن ساحة حرب هذا مستبعد بشكل كبير؛ لأنه لا توجد هناك حدود جغرافية أو تماس ما بين الطرفين".