مقالات

إستراتيجية التشبث بالعرب كحَلَبة!

02/10/2024, 15:38:16

هل نجحت إيران في امتصاص غضب أتباعها بالهجوم الصاروخي "الآمن" على إسرائيل؟

ظاهرياً يبدو أن طهران قد شنت بالفعل هجوماً كبيراً على إسرائيل، وفي الواقع هذا الهجوم كان محسوباً إلى درجة أنها أبلغت مسبقاً أمريكا ورسيا قبلها بالهحوم.

صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين معرفتهم المسبقة بعدد الصواريخ ووجهتها. 

بصورة واضحة كنا أمام رد منسق يذكِّر بالرد المتفق عليه مع ترمب انتقاماً لمقتل سليماني. لم يقتل الهجوم  أحداً باستثناء عابر سبيل فلسطيني، لكنه هذه المرة بالفعل كان يقترب من مناطق عسكرية وأمنية حساسة، وكانت الصواريخ بلا رؤوس متفجّرة أيضاًً!

مع ذلك، إذا كان هناك حدث جلل دفع إيران للرّد فلم يكن اغتيال حسن نصر الله، ولا رداً على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، ولاحتى من أجل القيادي في الحرس الثوري الذي قُتل برفقة أمين حزب الله.

لقد شعرت طهران بفعل الهجوم الواسع للإسرائيليين على المنطقة أنها ستكون التالية. هذا الشعور فاقمه خطاب نادر وجهه نتنياهو للشعب الإيراني قبل أقل من يوم واحد، يعد بإنهاء النظام الإيراني، وإطلاق حقبة "الحرية".

أدرك  نظام الملالي أن الوقت قد حان لاستعادة الردع عبر هجوم يريد أن يكون أثره الوحيد لدى نتنياهو والولايات المتحدة في التفكير في عواقب استهداف إيران نفسها. 

هناك أمر آخر أيضاً: كانت حالة الغضب لدى أتباعها في "محور المقاومة" قد بلغت ذورتها. شاهدنا ذلك في حالة السخط الشديد لدى أتباع حسن نصر الله في لبنان، وبعض التململ الذي ظهر على ألسنة بعض السياسيين المقرّبين من الحزب.

أما الاتهامات لإيران ببيع "حزب الله" فقد انفجرت في الشبكات الاجتماعية من أصدقائها قبل أعدائها بعد اغتيال حسن نصر الله، والصف القيادي السياسي  والعسكري والأمني للحزب، كما لم يحدث له منذ تأسيسه.

عملياً، وضعت مزاعم إيران عن إسناد الشعب الفلسطيني واللبناني على المحك.

خلال أيام قليلة، كانت  الأصباغ التي خدع بها النظام الإيراني أتباعه المغفلين العرب تزول تحت لفحة الهجوم الإسرائيلي البشع في مجازر الضاحية، وقبلها في غزة.

بدت "الإمبراطورية" ذات المخالب مجرد حمل وديع يبحث عن السلامة، وقد قرر فعلياً أن يبيع فراخه، التي تكاثرت، بكل بساطة كأي شيء تالف. هذا الحال ربما كان دافعاً للتعجيل بالرّد ومحاولة الاستدراك؛ لإعادة تدوير طاحونة الدعاية  عن "معركة القدس"، والدفاع عن فلسطين!

هل نقول إن التفهم الأمريكي لترميم صورة إيران في هذه الجزئية كان حاضراً؟

في ردود الفعل الأمريكية حيال الهجوم الإيراني، تبدو لغة واشنطن باردة: سارعت للإعلان عن مشاركتها في إسقاط الصواريخ، ودعت طهران إلى إنهاء الهجوم. طهران بدورها اكتفت بذلك الهجوم، وأعلنت إنهاءه قبل أن تصل الصواريخ "الآمنة" إلى وجهتها.

أما نتنياهو وأركان حكومته الأمنية فقد توعدوا بالرد قبل أن تنتهي الليلة، لكن الصبح انبلج بلا رد!

هل انتهت الحكاية هنا؟

واشنطن، التي تدير مسرح المجابهة بين طهران وتل أبيب في الخارطة العربية، لا تريد الأمر أن يخرج عن السيطرة والإنزلاق إلى مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران. جدول الأعمال الداخلي للولايات المتحدة لا يسمح بهذا النوع من الحرب المفتوحة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، ولا الإستراتيجية الأمريكية الكبرى، التي تضع نصب عينيها الصين وروسيا، يمكن أن تتبدل إلى أهداف جانبية.

الأرجح أن الأمر لن يتغيّر كثيراً. ستدُور المجابهة بين الطرفين في الحدود المحسوبة. ستظل لبنان وفلسطين هما محور الحرب الإسرائيلية، وهدفها الرئيس مع ضربات إسرائيلية للردع في سوريا واليمن.

الهواجس بشأن تخلي إيران عن حزب الله سترتفع أكثر خلال الفترة المقبلة، لا سيما إذا كان على طهران أن تساوم بين بقاء النظام أو القبول بهزيمة الحزب.

ستستمر إيران بالمناوشة من اليمن، وحشد العراق، لكن ذلك لن يكون مؤثراً في مجرى المعركة في لبنان، كما كان في غزة. 

المؤكد الوحيد أن إسرائيل وإيران سيواصلان خوض المجابهة بينهما، ومعركة التخادم التي يتخللها بعض التنافس في الساحة العربية كحلبة غير مكلفة. سيفعلان ذلك وقد عاد العرب سيرتهم الأولى، كما كتب الصديق كمال حيدرة: غساسنة ومناذرة.. منقسمون بين من يفرح مع الفرس، ومن يفرح مع الروم.

على أن جميع الفرحين من الفريقين يفعلون ذلك وقد حاقت بهم الهزيمة والعار المؤكد!

مقالات

أبو الروتي ( 10)

في أول يومٍ أذهبُ فيه إلى المدرسة (المعهد العلمي الإسلامي).. وفيما كنتُ أعبرُ بجوار السوق المركزي، وانعطفُ يساراً باتجاه "مدرسة السّيْلة" الابتدائية، شاهدت خمسة أطفالٍ شياطين يخرجون من الشارع الموازي للسوق المركزي؛ أربعة منهم بنفس عمري، وخامسهم أكبر مني، ومن أصحابه الأربعة، وكانوا جميعهم يشترون الرّوتي من فُرن الحاج، ويرونني هناك، لكن كبيرهم كان أول من لفت انتباههم إلى وجودي، وأول من صاح قائلا، وهو يشير إليَّ:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.