مقالات

التحالف السعودي الإماراتي كمقاول مع إسرائيل

04/09/2020, 08:56:31

سقطرى وفصل الاحتلال المكشوف 

 المحتل لا يأخذ إذناً من صاحب البلد. لا يأخذه من الأداة، أكانت بمسمى رئيس "عبد ربه" منعه هو وطائرته من الهبوط في مطار عدن، أو ميليشيا أنشأها هو لتكون سوطه الغليظة وقبضته المحلية "قوات الانتقالي".

هذا ما نقرأه في خبر وصول ضباط إسرائيليين قدموا إلى سقطرى مؤخراً، منتقلين من السرية إلى العلنية بمعية مرافقيهم الإماراتيين. دخلوا دون أية تأشيرات، ولم يعرضوا جوازاتهم على مسؤول في "الجوازات" في مطار الجزيرة، ودخلوا بطريقة مباشرة على مرأى من الأجهزة الأمنية العاملة في المطار.

وهو ما أكده خبر آخر في موقع " jforum “الاسرائيلي الناطق بالفرنسية كشف فيه أن تل أبيب بدأت بإنشاء قواعد عسكرية استخباراتية في جزيرة سقطرى بالتعاون مع الإمارات، ذاهباً إلى مدى أبعد إذ أشار إلى بدايتها في 2016، وهي أكبر قاعدة استخبارات في المنطقة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.

خلية الضباط الإسرائيليين لم يفتها الاحتفال ليلة إعلان تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، على ساحل نوجد الرملي، فيما يقوم بحمايتهم حلقة أولى من المرافقين الاماراتيين، تأتي بعدهم حلقة أوسع من مسلحي المجلس الانتقالي "جيش الليوي" الجديد المُشَكل عبر الإمارات. 

يحتفل هؤلاء في سقطرى ويخططونها كقاعدة أجنبية بينما هادي في رحلة علاجية داخل أمريكا غير معني بشيء سوى بقائه رئيساً صورياً لليمن تستكمل تحته أسوأ عملية استباحة لبلد عبر التاريخ المعاصر، وفِي الرياض يفاوض معين مع السفير السعودي مسؤولي جيش الليوي الجديد الذي يتلقى توجيهاته من الآمر الإماراتي بالنيابة عن إسرائيل، للسماح للحكومة بالعودة والتكرم بالمشاركة فيها!

"مؤلم جدا، أن ترى موطنك يتهالك أمام عينيك، وأنت صامت، لا تستطيع عمل شيء".

هكذا أختتم رمزي محروس تصريحه حول ما يحدث في سقطرى. 

الاحتلال المكشوف مقدور عليه، لكن المؤلم الذي تقوله كلمات رمزي محروس هو سيطرة الاحتلال على ممثلي اليمن المفترضين "الشرعية، واستخدامهم الميليشيات المحلية "الانتقالي في إرهاب أبناء سقطرى في خدمة المحتل الإسرائيلي الإماراتي. 

يأخذون سقطرى، ويجلبون إسرائيل لإقامة القواعد العسكرية داخلها، واليمن مكممة الفاه وبلا صوت يمثلها أمام العالم والمجتمع الدولي. 

لا رئيس ولا نائب ولا حكومة. لا وزير ولا سفير ولا مندوب في الأمم المتحدة ينطق بكلمة. لا حزب ولا سياسي ولا أحد ينطق أمام العالم.

إسرائيل والإمارات تبني القواعد الاستخبارية العسكرية داخل سقطرى في وضح النهار، وهذه ليست سوى مفردة واحدة من قائمة أهداف لها صلة بجزر يمنية استراتيجية مثل ميون وسقطرى وكمران، وبجانبها الموانئ والسواحل والممرات البحرية ومناطق الثروات النفطية والغازية، وهي كلها تحت سيطرة السعودية والإمارات، وستتوالى الاعلانات عنها كحصاد لسنوات من الاستنزاف والانهاك والقصف والهيمنة على الشرعية والمكونات السياسية والميليشياوية. 


والسؤال اليوم هو: هل أكتمل الاستنزاف الذي نفذ بواسطة الحرب متعددة المستويات والأهداف، إلى الحد الذي يسمح برفع القناع عن إسرائيل والبدء ببناء القواعد كما يتجلى اليوم في سقطرى؟! أم أن إسرائيل والإمارات استعجلتا في كشف واحدٍ من أخطر الأهداف النهائية في اليمن للحلف الغامض بين دويلة الإمارات والكيان العبري؟

كانت سقطرى داخل الدائرة الحمراء منذ إعلان الجمهورية اليمنية الذي تزامن مع نهاية الحرب الباردة. كان الحبل المشدود بين واشنطن وموسكو محدداً للخارطة الجيوسياسية على مستوى العالم والشرق الأوسط والجزيرة العربية. سقط الحبل بتفكك الاتحاد السوفيتي ودخل العالم في مرحلة انتقالية طويلة لا زالت فصولها متوالية ولم تستكمل بعد. 

منذ ذلك الحين وضعت المنطقة العربية كلها فوق طاولة الغربلة والتفكيك والهيكلة التذريرية. دمر العراق والكويت عقب حماقة صدام حسين، وبثمن مدفوع من خزائن الخليج في حرب الخليج الأولى. 

في الفصل التالي بداية الألفية الثالثة كان 11 سبتمبر بوابة احتلال العراق وتحويله إلى طوائف متناحرة في ظل هيمنة أمريكية أمنت مصالحها وسلمت دواخله لهيمنة إيرانية موازية تمتلك برنامج تشغيل مذهبيا طائفيا تحبذه أمريكا وتراه مناسبا للصورة النهائية التي تريدها للمنطقة العربية، ولا يتناقض مع الوتر المشدود لتباين المصالح بينها وبين إيران، والذي يمتلك مساحة زمنية واسعة قبل أن يصل إلى مستوى التناقض والمواجهة، والواضح اليوم أنه لم يصل بعد إلى مستوى التنافر التام بعد مضي 17 عاما على احتلال العراق. 

الفصل الثالث لإعادة رسم خارطة المصالح الجيوسياسية في منطقة عربية تم تثبيتها في الفراغ هي الثورات المضادة للربيع العربي. كسرت الموجة السلمية وتم تلطيخ النموذج بالدم والحروب الانتقالية التي خاضها الإقليم والعالم على أجساد العرب ومدنهم في سوريا وليبيا واليمن. خاض العالم بكله حربا عالمية لمواجهة ثورة السوريين. واحتشدت فرنسا وروسيا وإسرائيل وأمريكا "هاتان الأخيرتان خاضتا الحرب هناك باسم الإمارات والسعودية" لتوطين الحرب في ليبيا وتمزيق أوصالنا حتى يسهل تقاسمها. 


في اليمن وصلت ضراوة الثورة المضادة إلى أعلى مستويات استذئابها، وهنا: أمسكت السعودية والإمارات بالملف اليمني، وتوارت الدول الكبرى إلى الظل. النشاط الدبلوماسي والسياسي الذي كان حاضرا في عامي 2012 \ 2013، توارى تماما مع تسوية اليمن مجالاً لآلة تدمير وتمزيق حربية تمضي بتواتر منتظم مع آلية منظمة تبني أهدافها على تطوير التباينات والانقسامات وترسيخها وتغذيتها ومدها بالوقود اللازم لتمزيق المجتمع اليمني على مستويات عمودية لا حصر لها، مذهبية، طائفية، عرقية، شطرية، مناطقية، جهوية، قروية. 

فعلت الرياض وأبوظبي كل ما يمكن عمله لإيصال اليمن إلى حالة اللا دولة وانكشافها على الاستباحة المباشرة. تنوعت الأدوات والماسك بزمام المبادرة واحد. وكان لهم الدور الرئيسي في إسقاط الدولة في 2014 بعد مخطط استنزافي مرعب ومكشوف وواضح إلى حد يفقأ العلن من شدة وضوحه. وهبوا في الفصل الثاني يدمرون كل ما يقع أمامهم باسم دعم الشرعية واستعادة الدولة. 


سنوات الحرب، وقبلها سنوات الانتقالية، كانت كلها أشبه بحالة استنزاف منظمة من الخارج ووفق تحالفاته أو أدواته الداخلية، للوصول باليمن إلى حال كهذا: حرب الجميع ضد الجميع في الداخل اليمني، فيما الخارج يقوم بترتيب وإدماج الجزر والسواحل والموانئ والممرات البحرية ومناطق الثروات النفطية والغازية ضمن مصالحه وفضاءات نفوذه كاحتلال صريح متعدد المستويات، منها ما هو بالوكالة الإماراتية السعودية ". 

تناول الفاعلين الخارجيين لا يعني إلغاء الفاعلين الداخليين الذين حولتهم حالة السيولة الانتقالية، وقوة الاستقطابات الإقليمية وثقل التدخلات الخارجية المباشرة، إلى أدوات لا تمتلك قرارها، ولم يعد لها وزن في قرار الحرب والسلام. 

عندما يكون مسار الأحداث ذاهبا باتجاه وضع اليمن كلها كهدف لتمزيقه وإنهاء وجوده، لا يمكننا القول عن الأطراف الداخلية سوى أنها أدوات للخارج. 

الخارج يأتي ليمر من خلال اللعب على التباينات والانقسامات الداخلية. لا يخترع القضايا والأحداث من العدم ولكنه يمتلك السيطرة التامة عليها وعلى احتمالات تطورها ومساراتها في المراحل الانتقالية السائلة، التي يفتقد فيها الداخل قدرته على بناء توافقات صلبة، وينكشف وضعه الداخلي على نخب مهترئة وطبقة سياسية رثة، هي نتاج لاستبداد مديد نخرها حتى العظم، قابلة للطرق والسحب في قبضة أية قوة خارجية تملأ الفراغ، تماما مثلما كانت مجالاً لاستخدام المستبد الداخلي الذي كانت إحدى أهم أدواته غير المباشرة للبقاء وإحكام السيطرة على المجتمع وردود فعله وممكنات حركته السياسية.  مع كل استغراق في كشف حقيقة ما يحدث، من المهم أن لا ننسى أن ذلك ليس النهاية. 


الكلمة الأخيرة لم تقل بعد، فيكفي أن ندرك هنا أن النقلة الجديدة للإمارات باضطرارها إلى الكشف عن ارتباطها بإسرائيل، وارتمائها كالأعمى في حضنها، يؤكد أن المساحة أمام أبوظبي أضيق من خرم إبرة.  المأزق اليوم هو مأزق مخطط تمزيق اليمن وتقاسم جزرها وموانئها البحرية وسواحلها. لقد فتحوا باباً واسعاً للجحيم في اليمن، ولكنهم غير قادرين على صياغة مخرج لإغلاقه بشكل يضمن تحقيق أهدافهم. 

لكن فشلهم لن يكون له معنى بدون انفتاح الداخل اليمني على إمكانية إنجاز توافق وطني على قاعدة عودة الدولة وفق الثوابت الأساسية للوطنية اليمنية المتمثلة بيمن جمهوري ديمقراطي موحد ومستقل.


مقالات

أبو الروتي (3)

(لحظة انطلقت بنا السيارة شعرت بأنّي كبرتُ، ولم أعد طفلا) فيما رحت أتقدّم باتجاه بيت جدي علي إسماعيل، تذكّرت كلام جدتي، وهي تودّعني عند مشارف القرية، وتقول لي:

مقالات

المساندة لكيان الاحتلال والأكفان لفلسطين!

منذ البدء؛ اختارت الكثير من الأنظمة العربية توزيع الأكفان في غزة. كان ذلك يختصر كل شيء: نتنياهو مطلق اليد، يتولى ذبح الفلسطينيين، بينما ستحرص هذه الأنظمة على أن يكون تكفين الضحايا عربياً خالصاً!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.