مقالات

التحالف وهادي.. النقلة الأخيرة!

09/08/2021, 20:35:35

التحالف أستهلك عبد ربه منصور هادي حتى الرمق الأخير وأحرقه تماماً ، ويريد أن يستثمر حتى مشاعر غضب اليمنيين نحوه ، بتوضيب تغيير يلبي إحتياجاته للمرحلة التالية. 

هل أنت غاضب من هادي ؟ 

إذن ، نحن سنلبي طلبك بتغييره. 

هكذا يبدو إتجاه التحالف ضمنياً. وبتعبير آخر ، هذا ما وصلوا إليه بعد أن أستهلكوا الرجل ، وأستخدموا عنوان الشرعية من خلاله في كل ماهو نقيض لها ، ومقوض لفرص وجودها في سنوات الحرب الست ، ومانعاً لإحتمالات عودتها مستقبلاً. 

يريد التحالف السعودي الإماراتي أن يستخدم عبد ربه منصور هادي حيّا وميتاً ، رئيساً ومبعداً من الرئاسة. وقد هيأ كل أدواته لمرحلة ما بعد هادي ، أو لنقل وضع ما بعد التصفية النهائية لعنوان الشرعية . 

لدى اليمنيين أسباب أكثر من كافية لرفض بقاء هادي ، لكن المهيأ لحصد ثمرة إبعاده اليوم ليسوا هم وإنما من أستخدمه ست سنوات ضداً عليهم وعلى الشرعية واليمن وقضيتها. 

في حلق كل يمني مرارات كافية من هادي وسبهللته وتواطؤاته وإخفاقاته ، لكن تغييره بيد من أستخدموه لن يعيد المبادرة إلى يد اليمنيين وأنما سينقل مخطط تصفية الكيان الوطني لليمن إلى المستوى التالي : إسدال الستار على عنوان الشرعية المرتبطة بشرعية الجمهورية اليمنية وشخصيتها الدولية  ، وإضفاء الشرعية على مرحلة التقسيم والدويلات التي أنجزت كأمر واقع ، حتى وإن تم تغليفها مؤقتا بمجلس رئاسي مؤقت يقرره واقع الشتات المُرتبطة بيادقها كلها بكابلات ابو ظبي والرياض . 

هل بقاء عبد ربه يمنع هذا المخطط ؟! بالتأكيد لا. هو أُستخدم كأداة لتمر هذه الدويلات من تحت وجوده الصوري كعنوان للشرعية ، في فترة فشله الأول في صنعاء ، وفي مرحلة الحرب الشاملة وإنتقاله كورقة خالصة في قبضة الرياض. 

هذه حالة تستدعي التفكير بخيارات تتجاوز الأبيض والأسود. عبد ربه سيّء ، لكن السماح للتحالف بإستثمار إبعاده مثلما أستثمر رئاسته لا يخدم اليمن وقضيتها. 

عبد ربه لا مثيل له في تاريخ من خذلوا شعوبهم ، لكن ترك من كان له نصيب الأسد في رعاية سوءه " الرياض تحديدا "، يقرر إتجاه اليوم التالي ، سيمثل رصاصة الرحمة لشرعية الجمهورية اليمنية ، لا لعنوانها الذي خانها من موقع حمل صفة رئيسها. 

قرار طي صفحة عبد ربه سيكون إنقاذاً لليمن لو أنه ترافق مع قطع يد الرياض وأبوظبي في اليمن. 

إبعاد هادي من الرئاسة بيد التحالف ووفق ترتيباته سيزيح حجرة واحدة من فوق صدر اليمن ليستبدلها بساطور التقسيم ، وصخور دويلات وسلطنات وكانتونات متعددة أعدت لترث عنوان الشرعية دولياً بعد أن حلت محلها كأمر واقع على الأرض. 

لا يوجد حرب في اليمن بالمعنى المسوق له دوليا. هي حرب إستنزاف واحدة تخاض لتصفية الكيان الوطني لليمن تخاض بأساليب متعددة وبرعاية إقليمية ، وفي ظل صمت دولي " هذا إذا لم نقل تواطؤ وموافقة دولية ". 

الأشهر الماضية تكثفت الحرب الإقتصادية لتهيأ اليمن للضربة الأخيرة : نقل الأدوات المتعددة الجاهزة لتحل محل الأداة المعترف بها دوليا. 

تجاوز الدولار حاجز الألف ريال في عدن لا يُفْهَم من خلال التفاصيل الإعتيادية في النظر للإقتصاد وإنما من خلال اللوحة الكاملة. 

هناك إعاقة لوجود الدولة - التي يجعجعون بالحرب من أجلها - في حدها الأقل من الأدنى. 

سلطة عدن دويلة لوحدها ، أنجزها التحالف من ألفها إلى يائها ، نشأةً وتسليحاً ودعماً ورعاية وحماية ، وإضفاء غطاء سياسي عليها في إتفاق الرياض ، والتدخل المباشر لحمايتها عندما ترنحت وكانت على وشك السقوط وقوات الشرعية على مشارف عدن. 

لا دولة للشرعية في عدن المعلنة عاصمة لها. طردت حكومتان من هناك بأدوات التحالف ورعايته. 

بدلا من ذلك حلت سلطة الإنتقالي ، وهي تشكيل مليشياوي خليط من المناطقية والسلفية يقوده أشخاص أثبتوا فشلهم في كل شيء عدى إخلاصهم لممولهم الإماراتي. أخفقوا كسلطة أمر واقع،  لم يكن بمقدورهم، بعد طرد حكومتين للشرعية ، إقناع ممولها الإماراتي بتوفير كهرباء لسكان عدن ، وان يكن من باب كسب تعاطف شعبي مع الإنتقالي وما يرفعه من شعارات بإسم الجنوب المفترى عليه. 

عليك أن تضع عقلك جانباً لتتمكن من إستيعاب حقيقة كهذه : حكومة طردت للمرة الثانية من عدن ولا سلطة حقيقية لها هناك ، ومع ذلك تستمر في إضفاء المشروعية على طبع مزيدا من العملة بإسمها ؟! 

 

إذا كان طبع عملة بدون غطاء خيار سيّء ومدمر للإقتصاد في بلد لم تسقط دولته ولم ينهار إقتصاده ولا يشهد حرباً متعددة المستويات منذ سبع سنوات ولا زالت لديه موارد ومؤسسات متماسكة ، فما هو الحال في اليمن اليوم ؟! 

تطبع عملة وحكومتك معلقة في الهواء ثم تشكو من سقوط الريال إلى قاع أعمق ؟! 

تصمت عن إستيلاء " حليفك " المفترض على مواردك الغازية والنفطية ومنعك من تصديرها ، وتظهر في الشاشات كأنك مصدوم من تجاوز الدولار لحاجز الألف ريال ؟! 

لماذا تطبع حكومة معين مزيدا من العملة ، وهي المعلقة في الهواء بدون سلطة ، وهي التي لم تقم بدورها في توفير موارد حتى في فترة وجودها في عدن ! 

انهيار العملة لا يقل في تأثيراته عن انهيارات الدول. 

نتذكر نماذج معروفة لدول حدث وانهارت العملة الوطنية فيها ، دول كانت مستقرة مثل تركيا الثمانينات ، ولبنان واليونان وغيرها ، تطلب الأمر مضي عقد او عقدين من الزمن لاستعادة العملة لمكانتها واستقرارها. 

كان الإقتصاد والحياة المعيشية للناس جبهة حرب مفتوحة لكتم أنفاس الناس منذ ثورة 2011. ومع بداية الحرب ، أستمر كجبهة حرب أساسية تستخدمها كل الأطراف لحصار  اليمنيين وتجويعهم ومحاولة تركيعهم ليقبلوا بتصفية الكيان الوطني لبلدهم ، الجمهورية اليمنية ، وتمزيقه بين العناوين المنبعثة من قبورها ، أدوات الخارج ومخالبه الحادة. 

أكثر من ذلك دفع بجبهة الحرب هذه مؤخرا الى مستوى متقدم مع الانهيار التام للعملة. انهيار يراد له أن يُمهد لتغيير هادي والإنتقال إلى حصد إضفاء المشروعية على تعدد الدويلات. 

هل أشرت إلى المشكلة ، أو ما أظنها كذلك ، وغفلت عن ذكر الحل ، أو ما يؤدي إليه ؟!

ربما يكون الأمر كذلك. لكن عدم القدرة على تبين طريق ممكن للنجاة يبقى أخف بكثير من المشاركة في تضليل إضافي يهبط باليمن إلى قاعٍ أعمق من هذا الذي ترزح فيه ، ويقذف بها إلى متاهة أخرى أكثر تعقيدا من التوهان الراهن . 

الوعي بحقيقة ما يحدث ، أو ما يعد لحدوثه ، هو أهم عناصر الحل ، وبدون ذلك لن نفعل شيئا سوى تعقيد طريق الخروج من هذه المتاهة البرزخية.  

هكذا تبدو اليمن بعد ست سنوات من تدخل التحالف تحت غطاء. مساندة الشرعية : 

شرعية مهترئة في أسوء حالات ضعفها وهوانها ، وبلد ممزق يهبط  إلى قاع أعمق من الإنهيار الإقتصادي والمعيشي. 

وتحالف يعد عدته ويستجمع قواه لتوجيه الضربة الأخيرة لليمن ، سياسيا هذه المرة .. وتحت غطاء " المنقذ  المساند " أيضاً !! 

مقالات

أبو الروتي (3)

(لحظة انطلقت بنا السيارة شعرت بأنّي كبرتُ، ولم أعد طفلا) فيما رحت أتقدّم باتجاه بيت جدي علي إسماعيل، تذكّرت كلام جدتي، وهي تودّعني عند مشارف القرية، وتقول لي:

مقالات

المساندة لكيان الاحتلال والأكفان لفلسطين!

منذ البدء؛ اختارت الكثير من الأنظمة العربية توزيع الأكفان في غزة. كان ذلك يختصر كل شيء: نتنياهو مطلق اليد، يتولى ذبح الفلسطينيين، بينما ستحرص هذه الأنظمة على أن يكون تكفين الضحايا عربياً خالصاً!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.