مقالات

دفاعاً عن التحالف!

30/07/2024, 12:38:17

ما الذي يجعل اليمنيين مصدومين من محاولة السعودية إسدال الستار على المشهد الأخير للحرب لمصلحة الحوثي؟

هل كان التحالف يخفي أجندته حتى تبدو الشرعية كما لو كانت تعرَّضت للغدر؟

إذا كان هؤلاء لم يفهموا التحالف، طوال عشر سنوات، فكم من العقود كانوا يحتاجون إلى فهمه؟

الحق أن التحالف -بطرفيه الرئيسين- لم يبذل جهداً لتضليل الشرعية بحقيقة أهدافه، ولم ينفق مساعي كثيرة لإخفائها.

لقد جاءت الدولتان ولهما هوية واضحة، وفي سجلهما تجربة طرية كان لها دور في إسقاط البلاد في قبضة مليشيا الحوثي، ومن خلفه إيران في سبتبمر 2014، وذلك كافٍ للحيطة والاحتراز.

أما إذا ما افترضنا أن هذا التحالف قد مارس شيئاً من التضليل على وقع رطانته المتهافتة عن "قطع ذراع إيران"و"إنهاء الانقلاب"و "استعادة الشرعية"، فقد اقترف آلاف التعديات والجرائم لطمسه، وكان غالباً يلعب على المكشوف.

منذ الأشهر الأولى للحرب، دأبت دولتا التحالف على توجيه رسائل شتى بشأن مهمتهما التي جاءتا من أجلها: بدءاً بقصف معسكرات الجيش في أول أيام العاصفة، وهي الجريمة التي ستتكرر طوال سنوات الحرب، ولن تكون الخاتمة الإطاحة بالشرعية وقلع الرئيس المدوخ، والمجيء بمجلس هو نفسه عُرضة للقلع والاستبدال في أي وقت!

من هو السياسي الأحمق الذي لم يفهم باكراً ماذا يريد التحالف حين منع طائرة الرئيس من الهبوط في مطار عدن، والعودة إلى العاصمة مطلع العام الثاني للحرب؟

ومن هو الرجل الذي يعوِّل عليه لقيادة معركة استعادة صنعاء وهو غير راغب في العودة إلى عدن، أو يقبل أن يُمنع من عاصمته؟

من هو الغبي الذي لم يكن يريد أن يعرف حين أوقف التحالف المعارك في تخوم الحدود الشطرية السابقة بين الشمال والجنوب في العام الأول للحرب؟

من الذي أغمض عينيه عن سلوك التحالف وهو يضع يديه على الموانئ والمطارات والمنشآت النفطية والجُزر البعيدة عن الحرب، حتى إن شمطاء إماراتية خرجت لتستنكر زيارة رئيس الوزراء بن دغر جزيرة سقطرى، وكأنها جزء من أملاك أبيها؟
 
لنتذكر: في هذه المحطة الفارقة، ما كان مفترضا على الشرعية القيام به سلكت عكسه مستمرئة دور التابع الذليل الذي يواظب على إلحاق الأذى بنفسه إرضاءً لسيّده.

وقتها واجه رئيس الوزراء، أحمد بن دغر، الذي قام بواجباته، ووجّه رسالة لمجلس الأمن بشأن السلوك الإماراتي في الجزيرة، وإدخال قوات عسكرية، سلوكاً رئاسياً غريباً حين أصدر الرئيس المركوز قراراً بإقالة الرجل، وإحالته إلى التحقيق!

لو استعدنا بعض المشاهد في سقطرى وحدها على طريقة "الفلاش باك"، ستشاهدون ذلك التصفيق الحار من يمنيين يعتقدون بأنهم يتخلصون من المناضل الإشتراكي، رمزي محروس، الذي تحول فجأة إلى "خونج"؛ لأنه رفض السلوك الإماراتي في الجزيرة، وانتقد سلوك الشقيقة الأخرى في التواطؤ مع الانقلاب هناك.

كم مرة تحول قصر معاشيق إلى مقصد للغزو بواسطة المليشيات، التي شكَّلها التحالف، وعادت مراراً من أسواره، قبل أن يسفر عن وجهه في أغسطس 2019 بصورة واضحة ليحقق أهم أهدافه، بعد استعادة عدن، وهو طرد قوات الحكومة الشرعية من هناك، وقصفها في مجزرة علنية طويت وكأنها لم تكن!

لقد كان الرئيس، الذي عُرف بخذلان رجاله والتخلّص منهم أولاً بأول تلبية لرغبات التحالف، يعتقد أنه سيواصل البقاء في مكانه باعتبار صفة الرئيس هي هدفه الأسمى، وقد فعل ذلك دون أن يرف له جفن في كل المحطات الحاسمة غير مكترث بالمصير الذي تسبب به مع مليشيا الحوثي لليمنيين، بدءاً من صنعاء وصولاً إلى 7 أبريل يوم إجباره رسميا على التنحي.

اليوم يستعد اليمنيون للخضوع لإنفاذ إرادة الحوثي تلبية لرغبات الشقيقة الكبرى، وأولوياتها المتحولة على الدوام.

لم يكن مفاجئاً ما فعله التحالف بنا، وما من سبب يدعو إلى الصدمة، وقد سلمناهم كل شيء.

كانت الشرعية شريكة "كاملة المسؤولية" في تقويض نفسها، وكانت نخب سياسية شريكة، ومثقفون وناشطون يصفقون في وقائع عديدة للتعدي على سيادة البلد، واستلاب قراره، بدوافع النقمة نفسها، التي هيَّأت لإسقاط صنعاء.

لقد تخلصنا من أنفسنا أولاً، وشاركنا بقذف بلدنا إلى مستقبل مجهول بروح نكاية دنيئة، حيث يبدو الحوثي وإيران هما المصير الذي لا تخطئه العين، ونفق حروب وصراعات بلا بوصلة.

هل تنتظرون خاتمة أفضل من هذه التي تطبخها الرياض الآن؟

ما الذي فعلتموه لتجنّب هذا المصير؟

والأحرى أن نسأل: ما الذي لم تفعلوه ليكون هذا المصير؟

مقالات

أبو الروتي (3)

(لحظة انطلقت بنا السيارة شعرت بأنّي كبرتُ، ولم أعد طفلا) فيما رحت أتقدّم باتجاه بيت جدي علي إسماعيل، تذكّرت كلام جدتي، وهي تودّعني عند مشارف القرية، وتقول لي:

مقالات

المساندة لكيان الاحتلال والأكفان لفلسطين!

منذ البدء؛ اختارت الكثير من الأنظمة العربية توزيع الأكفان في غزة. كان ذلك يختصر كل شيء: نتنياهو مطلق اليد، يتولى ذبح الفلسطينيين، بينما ستحرص هذه الأنظمة على أن يكون تكفين الضحايا عربياً خالصاً!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.