مقالات

وعي ثورة 26 سبتمبر وعد اليمنيين ووعيدهم

25/09/2024, 16:36:51

تكمن قوة ثورة 26 سبتمبر في عجز مليشيا الحوثي عن إعلانها كعدو واضح وناجز بلا مواربة.

كلما خامرها شعور الانتصار على وعي سبتبمر عادت سلطة هذه المليشيا إلى نقطة الصفر، مجبرة على تملق هذه الثورة كأمر لا مناص من التعامل معه مرحلياً، بينما تحاول اجتثاثه بوسائل شتى في الواقع.

هي ثورة متجذرة في وعي الناس، ثم إنها تكتسب وهجاً أكبر كلما مر المزيد من الوقت، وتعرّف الشعب على وجه الإمامة القبيح الذي أطاحت به ثورة 26 سبتمبر 62.

الغالبية العظمى من هذا الشعب لم يعايشوا الإمامة، لكنهم يشاهدونها، ويشتبكون معها يومياً في حياتهم مجسّدة في سلطة عبدالملك الحوثي، وقادة عصابته.

لاشك أن اختيار 21 سبتمبر 2014 كتاريخ لارتكاب جريمة الانقلاب ضد الجمهورية، التي تتناسل كمصدر للخراب اللانهائي، كان عملاً مقصوداً يهدف إلى طمس رمزية سبتمبر الجمهورية برمزية نقيضة لصناعة سبتمبر الإمامة.

طوال العشر سنوات الفارطة، لم توفر المليشيا الإمامية وسيلة لممارسة العدوان على ثورة 26 سبتمبر: من استهداف رموز الثورة، والحط من شأنهم إلى تغيير أسماء الشوارع التي حملت أسماء بعضهم كقادة لأهم ثورة في تاريخ اليمن الحديث.

في المقابل، نشطت هذه المليشيا لإحياء رموز الإمامة، من يحيى الرسي إلى أحمد حميد الدين وأبيه الصريع يحيى.. هي تعكف على إعادة بناء سردية مناقضة لسردية ثورة 26 سبتمبر، كإدانة ضمنية للثورة، لكنها لم تجرؤ على تسميتها صراحة.

أما على مستوى المناهج التعليمية، فقد عمدت إلى إعادة صياغتها على نحو يمكّنها من إعادة بناء وعي الأجيال الجديدة بتمجيد الإمامة وتكريس رموزها -كحسين الحوثي وأبيه وعبدالملك- في الكتب الدراسية، وما تطلق عليه "ثورة 21 سبتمبر".

ومقابل إزاحة أدباء وكتاب ثورة 26 سبتمبر ذوي الصيت العالي على المستوى العربي -كالزبيري والمقالح- ذهبت المليشيا إلى استبدالهم بأدباء وكتاب نكرات موالين لها، وتكريسهم -كرموز- في كتب الأدب واللغة العربية والتاريخ من المدرسة إلى الجامعة.

إن هذا العداء الواضح لثورة 26 سبتبمر، لا يجرؤ قادة المليشيا على إعلانه من خلال الخطابات. حتى ممارسة الاحتيال بالحديث عن الجمهورية -باستعارة ضمنية لجمهورية مرشدهم في طهران- يبدو ساذجاً وغبياً.

في كل ذكرى لثورة 26 سبتمبر، تحاول سلطة المليشيا الاختباء خلف مراوغات خطابية، وإتاحة بعض الاحتفالات الشكلية التي تسند لبعض صبيانها الصغار، بينما ينتابها الخوف فتلجأ إلى القوة العارية لكبح الاحتفالات الشعبية الهادرة.

شاهدنا، العام الماضي، كيف حوّلت المليشيا الاحتفالات الشعبية التلقائية إلى مناسبة لممارسة وحشيتها ضد المحتفلين بعيد 26 سبتبمر بل إنها اعتبرت رفع العلم اليمني جريمة، كانعكاس لحقيقتها كعدو لليمنيين، وشنت حملة اعتداءت واعتقالات موثقة للمئات.

في هذا العيد، الذي نعيش أيامه المجيدة، كان خوف المليشيا من الاحتفال الشعبي العفوي المتوقع بأعياد ثورة 26 سبتمبر يتطوّر إلى حالة ذعر لديها مع تزايد السخط والغضب الشعبي. 

ظهر ذلك بصورة جلية في حملة اعتقالات استباقية واسعة طالت كتاب وصحفيين، على رأسهم الزميل الصحفي والكاتب الشجاع محمد دبوان المياحي، ومئات الناشطين والناشطات في صنعاء وإب وعديد محافظات.

هذه القبضة الأمنية المشددة والتوحش الذي تمارسه المليشيا، من خلال أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية والعسكرية والهيئة النسائية من " الزينبيات" المتخصصة باختطاف النساء، لا تعكس سيطرة سلطة المليشيا الحوثية، بل تكشف صورة نقيضة لانعدام السيطرة على الوعي الشعبي غير المسبوق بثورة 26 سبتمبر كحدث عظيم في حياة اليمنيين.

لقد أمِنت المليشيا الحوثية المعركة العسكرية إلى حد كبير، ولم تعد مختلف القوى المحلية المناهضة لها تمثل لها تهديداً بسبب افتقادها للقرار السياسي والعسكري.

٠ثم إن علاقة الحوثي بالتحالف مطًمْئِنة له أكثر بعد عشر سنوات من التدمير الشامل للبلد، تخادم فيها الطرفان وتوصلا إلى قسمة مجزية!

لكن ثورة 26 سبتبمر والوعي الشعبي المتعاظم بقيمتها ما زالت تمثل كابوساً مؤرقاً لسلطة المليشيا الحوثية.

ربما يمتد هذا الأرق إلى خلف الحدود ليطال تلك الأطراف الإقليمية التي أرادت تمكين هذه المليشيات من رقاب اليمنيين، ومنحهم -في المقابل- بعض أجزاء البلاد مكافأة.

مع ذلك، سلطة هذه المليشيا قصيرة مهما امتد بها الزمن وتواطأ معها الإقليم. لا أظن أحداً قادراً على رد سيل اليمنيين العارم، إذ تتشكل مصادره ومنابعه، وتزداد كل يوم على وقع ممارسات السلطة الغشوم للمليشيات. 

سيجرف هذا السيل في طريقه الخوف وليل المليشيا الإمامية إلى الأبد، وسيستعيد اليمنيون بلدهم من قبضة من يتوهمون أنهم وضعوا اليد عليه.

المجد لثورة 26 سبتمبر، وركنها الآخر ثورة 14 أكتوبر، فهما وعد الخلاص اليمني ووعيده.

مقالات

أبو الروتي ( 10)

في أول يومٍ أذهبُ فيه إلى المدرسة (المعهد العلمي الإسلامي).. وفيما كنتُ أعبرُ بجوار السوق المركزي، وانعطفُ يساراً باتجاه "مدرسة السّيْلة" الابتدائية، شاهدت خمسة أطفالٍ شياطين يخرجون من الشارع الموازي للسوق المركزي؛ أربعة منهم بنفس عمري، وخامسهم أكبر مني، ومن أصحابه الأربعة، وكانوا جميعهم يشترون الرّوتي من فُرن الحاج، ويرونني هناك، لكن كبيرهم كان أول من لفت انتباههم إلى وجودي، وأول من صاح قائلا، وهو يشير إليَّ:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.