تقارير
"أكاديمية القرآن".. مؤسسة حوثية للتعليم الطائفي بغطاء دِيني
في سياق تجذير محددات فكرة المشروع الطائفي، تسعى مليشيا الحوثي حثيثا لاستكمال السيطرة على كافة مؤسسات التعليم بمختلف مراحله، شأنها سهولة التحكم بمجالات التوجيه، وإدارة عملية الإرشاد والوعظ الدِّيني، هدفها في ذلك فرض أجندة دِينية مستوردة في أوساط المجتمع اليمني.
يأتي استحداث مليشيا الحوثي أكاديمية طائفية، بغطاء التعليم الدِّيني والشرعي، تحت اسم "جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية"، لغرض رئيسي هو توسيع سطوة الكهنوت من خلال تلقين الكادر الوظيفي لأجهزة الدّولة، المنضم فيها، ومنهجية إدارة مصالح الناس بطابع دِيني طائفي مذهبي وسلالي، وتحديداً القيادات العليا في المؤسسات الرسمية، تسلسلاً حتى منصب مدراء العموم، حيث "الإدارة الإسلامية والعلوم الدّينية" شعار يتم استغلاله لشرعنة سلوك الجماعة.
- أهداف خفية
إضافةً إلى محاولة تطييف التعليم، واستغلال مخرجاته، تمنح هذه المؤسسة الأكاديمية غير القانونية الحوثيين ممارسة عمليات فساد واسعة النطاق على كافة المستويات؛ كونها تحصل على موازنة تشغيلية سنوية من موارد الدّولة؛ نظراً لمصادقة برلمان صنعاء، الخاضع لسيطرة المليشيا الانقلابية، على قانون إنشائها.
يقول الباحث الأكاديمي "ربيع سلطان" لموقع بلقيس: "أهداف غير معلنة تقف خلف كواليس عملية تأسيس جامعة للقرآن والعلوم الإسلامية، تتيح لجماعة الحوثي ممارسة الفساد على مختلف صوره وأشكاله".
وأضاف: "أولاً، حصولها على تمويل من الموارد العامة، استقطاب عناصر موالية لها وتدريسهم فيها، ثم تعيينهم في مناصب قيادية عليا، وهذا اختراق للجهاز الإداري للدولة، وتدمير ممنهج للوظيفة العامة".
وتابع: "الواضح أن هناك إقبالا كبيرا للالتحاق بها؛ لأن مخرجاتها لهم أولوية الحصول على وظائف".
وتتيقّن الجماعة الانقلابية أن مصادقة البرلمان شرعنة لاستكمال تنفيذ إجراءات التأسيس، فيما الأهداف الحقيقية تبقى خفية؛ كونها مشروعاً خاصاً لإحكام السيطرة على مختلف مؤسسات الدولة، من خلال المخرجات والعناصر المتدرّبة فيها.
يقول عدد من الدارسين الملتحقين بأكاديمية القرآن الكريم لموقع بلقيس: "المنهج في جميع كليات وأقسام الجامعة إسلامي، نتعلم أساسيات الأداء الإداري على المنهجية الدِّينية والإسلامية، نؤدي قسم الولاء لقائدنا، وعلى أن نعمل لمصلحة آل البيت، وأن نقتدي بهم في كل سلوكيات حياتنا، مشروعهم قرآني ورباني، وعلينا اتباعهم".
وتتيح الأكاديمية لمليشيا الحوثي استيعاب وتوظيف عدد كبير من عناصرها، الذين سيتعيّن عليها فرضهم في مناصب قيادية رفيعة، بمجرد ولائهم للجماعة فقط.
- بؤرة للتطرّف
على غرار مراكز دِينية سابقة، اهتمت بتدريب كثير من المتطرِّفين دينياً، حملت مُسميات جامعات إسلامية ودِينية، تعتبر أكاديمية الحوثي بؤرة تطرف جديدة تصدِّر العنف والإرهاب بشعارات دِينية طائفية ومذهبية، تستمر في تفخيخ عقول المجتمع، الذي قد يمتد لعقود، إذا لم تتم مواجهته بحزم لاجتثاثه".
يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الوطنية "مجاهد معافا" لموقع بلقيس: "المشاريع الدِّينية المتسلّطة لا تبني أجيالا متسلِّحة بالعلوم الحديثة، بل تعتمد على نشر الجهل والخرافة، تعتمد الإرث الدِّيني لتعليم الغلو والتطرّف، كما تسخِّر كل الإمكانات في خدمة مشروعها المتخلِّف".
وأضاف: "الجماعات الدّينية أدوات خراب للدول، وأنظمة الحكم، ووسائل هدم وتدمير لبُنية المجتمعات المحلية".
وبرغم اعتبار هذه الأكاديمية إضافة غير جديدة، من حيث أهدافها، ومنهج التدريس فيها، إلا أن التعليم الدِّيني يغلب عليه الجانب الطائفي والمذهبي، وتسعى عبر وسائل التعليم المتّبعة فيها إلى تكريس إعادة إنتاج نظام الحكم الإمامة الكهنوتي، بعد عقود من قيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة، وفقاً لحديث بعض المثقفين والمهتمين لموقع بلقيس.
ويخضع جميع المشرفين الثقافيين للجماعة لدورات مكثّفة في الجانب المذهبي، كما أن المتحدثين في وسائلهم الإعلامية، والمعنيين بإلقاء محاضرات الإرشاد، لهم نصيب من مقاعد الدراسة في الأكاديمية، وحضور الدورات التثقيفية المذهبية، إضافةً إلى جميع الملتحقين بصفوف الجماعة؛ من رجال أمن وأكاديميين ومثقفين وعسكريين وشخصيات اجتماعية، وقيادات سابقة في الجهاز الإداري للدولة.
- تجريف ونهب
لم تملك الجماعة شيئاً من أصول الأكاديمية غير التسمية؛ كونها اكتسبت كل ما فيها بالسلب والنّهب، سواءً المباني أو المحتويات، والوسائل التعليمية من أجهزة وغيرها، ووظّفتها في خدمة مشروعها الطائفي.
وتتضمن مقرراتها مواد العلوم الإدارية والمحاسبية، انطلاقاً من وعي الجماعة الطائفي، كما تتيح لعناصرها نظام التعليم عن بُعد؛ نظراً لانشغالهم بأعمال أخرى.
واستمراراً لعملية التجريف الشاملة، لم تقتصر الأكاديمية على تعليم الذكور فحسب، إذ خصصت مبانيَ مستقلة للبنات، وافتتحت لها عددا من الفروع في مختلف عواصم، المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا.