تقارير
شكوك حول المنفذ. ما أهداف تبني الحوثيين عملية الهجوم على "تل أبيب"؟
عملية جديدة تتبناها جماعة الحوثي، وهذه المرَّة في عاصمة الكيان الصهيوني "تل أبيب".
العملية، التي خلَّفت قتيلا وعددا من الجرحى، قال الإسرائيليون إنها تمَّت بطائرة مسيّرة، إنتاج إيراني، أُطلقت من اليمن.
ولاحقا، أكد المتحدّث باسم جماعة الحوثي أنهم نفذوا عملية عسكرية استهدفت هدفا مهما في منطقة "يافا" المحتلة بطائرة مسيّرة جديدة تحمل اسم "يافا".
تعد هذه العملية واحدة من أجرأ العمليات التي نفذتها المليشيات الموالية لإيران، وهو ما يضع الإقليم في حالة تأهّب لتداعيات محتملة في ظل تأكيد إسرائيلي على الرّد.
وبعيداً عن التداعيات المحتملة، فإن الكثير فضّل الحديث أولا عن هوية المنفذ لهذه العملية.
- اختراق كبير
يقول الصحفي طالب الحسني: "ليست المسألة مسألة تبنِّي إنما مسألة تنفيذ وتبنّي، فكرة الهروب من أنه لا أحد يستطيع أن ينفّذ مثل هذه العملية، أو الحديث عن أن التحقيقات، التي خرجت، هي تحقيقات في السعودية خرجت بأن من استهدف أبقيق وخريص هي مجموعات في العراق ليست دقيقة على الإطلاق".
وأضاف: "كيف يمكن الحديث عن عمليات البحر الأحمر، وهي عمليات معقّدة بدرجة أكبر من عملية أبقيق وخريص، كذلك العملية معقّدة أكبر من قضية استهداف تل أبيب".
وتابع: "هناك أيضا مسألة أخرى تتعلق بأن هذا الاستهداف هو الاستهداف الأول، وسيكون هناك استهدافات متتالية؛ لأن القوات المسلحة، وبحسب تصريحات العميد سريع، المتحدث باسم القوات المسلحة (التابعة لجماعة الحوثي) اعتبرت أن يافا المحتلة، أو تل أبيب أصبحت منطقة مستهدفة، بمعنى أنه سيكون هناك عمليات كثيرة للقوات المسلحة تتعلق باستهداف يافا".
وزاد: "المسألة المتعلقة الأخرى، مع أنه لا اعتقد أن هناك نوعا من الأهمية في الحديث هل هذه العملية نفذت من اليمن أو لا؛ لأن الدفاعات الأمريكية في السابق اعترضت طائرات مسيّرة وصواريخ في البحر الأحمر قادمة من اليمن..".
وأوضح: "لا يمكن أن تكون هناك عمليات قادمة من اليمن دون أن يكون هناك منفذ، هو القوات المسلحة اليمنية (التابعة لجماعة الحوثي)".
ويرى أن "هذا اختراق كبير جدا لكيان العدو الإسرائيلي، اختراق على مستوى التغلب على الدفاعات الجوية، أو إمكانية التغلّب على الدفاعات الجوية، والوصول إلى هدف معين داخل كيان العدو الإسرائيلي، داخل يافا، بما فيها من أهمية".
وأشار إلى أن دولة الكيان الإسرائيلي "محاطة بالكثير من الحماية الجوية، ومع ذلك هذه الطائرة تمكّنت من الوصول إلى هدف بالقرب من السفارة الأمريكية في تل أبيب، أو في يافا المحتلة، فإذاً لا مناص من الاعتراف بأن هناك قدرة في اليمن، وأن هذا التنفيذ جاء من اليمن، وأن هذه عملية تصعيدية مهمّة تخدم مصلحة غزة، ودفع الصراع مع العدو الإسرائيلي".
وأكد أن "المنطقة مهمة؛ منطقة إستراتيجية تزيد من الضغط على كيان العدو الإسرائلي".
- لا يحتاج تبريرا
يقول الحسني: "كيان الدولة الإسرائيلية يرتكب مذابح، منذ عام 48، وقبل أن تظهر كل هذه الجماعات، وقبل أن تظهر كل هذه المعادلة، ولا يحتاج إلى أن نبرر ما يقوم به من أفعال".
وأضاف: "لا يمكن أن نبرر العمل العسكري لصالح القضية الفلسطينية ولصالح غزة في مواجهة العدو الإسرائيلي بأنه يخدم كيان العدو الإسرائيلي، كذلك التواجد الأمريكي والبريطاني والقواعد المنتشرة في البحر الأحمر، هذه منتشرة منذ عقود".
وأكد أن "اليوم لا أحد يقول إن هذه الضربة، التي استهدفت تل أبيب، قادمة من مكان آخر".
وأوضح أن "من أثار هذه التساؤلات هم بعض الشخصيات على وسائل التواصل اجتماعي، ولكن حتى كيان العدو الإسرائيلي يحقق كيف دخلت، وكيف تمكّنت من اختراق دفاعاته الجوية، ولا يوجد تحقيق من أين جاءت ومن الذي قام بالاستهداف".
وأشار إلى أن "الذين يحاولون أن يأخذوا الأمور إلى مسألة التشكيك هم أنفسهم الذين يشككون بعمليات البحر الأحمر، هم أنفسهم الذين يرون أن ما يجري نوعٌ من المسرحية، على الرغم من الحقائق الكثيرة التي ظهرت".
ويعتقد الحسني أن "الشعب اليمني واليمن سيكون متضررا إذا استسلم أمام هذه الهجمات، وأمام القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية حماس؛ لأن هذه الهجمة على حماس ستشمل كل المحور (الإيراني)؛ لبنان، سوريا، ستشمل المنطقة كلها".
- مصالح الشعب اليمني
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان: "بالنسبه لإعلان تبنّي هذه العملية، سواء كان المنفذ الحوثيون أو الجماعة الإيرانية، وبالتالي الجماعة الحوثية تبنّت العملية باعتبار أن هنالك وحدة الساحات، وبالتالي ليس هذا هو الموضوع".
وأضاف: "أنا أتعامل مع الجماعة الحوثية كجماعة إرهابية تقوم بعمل إرهاب يؤدي إلى مخاطر على مستقبل الشعب اليمني، وعلى مصالحه، وعلى وطنه أولا".
وأوضح: "هذه العملية لا علاقة لها بتحرير فلسطين، ولا علاقة لها بعدالة القضية الفلسطينية، هذه العملية تحسِّن الموقف التفاوضي الإيراني، بمعنى أن إيران تتفاوض مع العالم باعتبار لديها وكلاء في المنطقة، وهي قادرة على إقلاق العالم".
وتابع: "أيضا هذه العملية تؤدي إلى التواجد الأمريكي - الأوروبي في الملاحة الدولية، وتؤدي إلى أن إسرائيل تكسب ود العالم باعتبار أنها تواجه أعداء محيطين بها، ومن حقها أن تقصف، وأن تبرر ما فعلته بالشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "كثيرا من الخبراء العسكريين يقولون إن إسرائيل ربَّما تعمّدت أن تسمح لهذه الطائرة، التي لها بصمة حرارية، أن تمر، وبالتالي أضرارها المادية سيتم استثمارها على المستوى السياسي والرمزي والتعبوي العالمي أكثر من خسائرها المادية، والآن إسرائيل تقول إنها محاطة بأعداء، وإنها لا بُد أن تقضي على حماس، وأن تقتل الشعب الفلسطيني، وأن تتسلح".
وبيّن أن "بنيامين نتنياهو ذاهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسوف يطلب الدعم من أوروبا، وسوف يتباكى، يعني هذه العملية ستؤدي إلى مزيد من التسليح والدعم؛ باعتبار إسرائيل محاطة بمجموعة من الأعداء".
وأكد أن "الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا سوف تتواجد في الملاحة الدولية لحمايه الأمن والسلم الدوليين، وحرية التجارة العالمية، وإيران ستحسن موقفها التفاوضي، والحوثيون سوف يحاولون استثمار هذه العملية لتحشيد الشعب اليمني، الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية، وسيتم استثمار هذا الجانب العاطفي".
ويرى أن مغالطات الجماعة الحوثية بأنها استطاعت أن تقصف تل أبيب ويافا كلها عمليات استثمارية.
وأشار إلى أن "هذه العملية سحبت أو أجلت دخول لبنان في الاحتراب؛ لأن هناك عملية اغتيال للقيادات في حزب الله في لبنان، ووجّهت البوصلة إلى اليمن؛ لأن حزب الله لأول مرّة يشعر أن هناك جماعات في الداخل اللبناني ربّما تقف مع إسرائيل للتخلص من هذا الكيان الذي عرقل الدّولة اللبنانية".
وتابع: "أيضا هذه العملية تجعل من إسرائيل تبرر لبلدان المنطقة بأن إقامة العلاقات معها، والاصطفاف معها لمواجهة الخطر الإيراني، مبرر، وبالتالي هذه العملية خدمت إسرائيل، وخدمت الغرب، وخدمت إيران، ولم تخدم الشعب اليمني الذي سيدفع الثمن غاليا في حال تعرّضه لقصف، أو في حال حصاره، أو في حال أن تبقى هذه الجماعة الطائفية في السلطة، فبالتالي الشعب اليمني يخسر من مستقبله على حساب جماعة".
يقول عبد الباقي شمسان: "أستطيع القول إن ما تقدمه إيران والحوثيون وحزب الله والمليشيات العراقية تمهيد للهيمنة الإسرائيلية".
وأضاف: "ما تشكله إيران من خطر على الأمة العربية وعلى المنطقة العربية أكثر بكثير من إسرائيل".
وتابع: "نحن أمام خطر إيراني عطّل الدول العربية، وهدد وحدتها، بأدوات حزب الله، أو الحوثيين، أو المليشيات، ودمر المشروع القومي العربي".
وأكد أن إيران "لا علاقة لها لا بفلسطين، ولا بالأمة العربية، ولا بالإسلام، ولديها مشروع الإمبراطورية الفارسية".
ولفت إلى أنه "عندما تم الضغط على الحوثيين، بقرارات البنك المركزي، تحرّك المبعوث الأممي، وتحرّكت الولايات المتحدة، وتحرّك الغرب لحماية هذه الجماعة؛ لأنها تحقق الأهداف".
- بقاء الحوثيين
وقال متسائلا: "حتى لو ضربت بمسيّرات، وذهبت إلى تل أبيب ما الذي ستستفيد منه القضية الفلسطينية؟ ماذا تستفيد من تدمير وتعطيل الملاحة الدولية؟".
وأضاف: "لا يمكن لجماعة تؤمن بالحق الإلهي، وتدمّر شعبها، وتزرع في الأرض اليمنية ملايين الألغام، وتفجّر التعليم، وتغتال الناس، وتنقلب على السلطة أن تتحدث عن حقوق الإنسان، وعن عدالة القضية الفلسطينية".
وتابع: "ما يخطط في المنطقة هو بقاء الحوثيين؛ لأن بقاءهم يعني أن هناك تدخلا خارجيا سيتم، وأن هناك دولة هشة سيتم دفعها نحو السلام بوجودهم ووجود مكونات كثيرة، بحيث تتعطل الدولة اليمنية، وتتواجد إسرائيل في سقطرى، ويتم نهب الثروات اليمنية، وتوجد الولايات المتحدة الأمريكية، كما هو الحال في العراق".