تقارير
هجوم حوثي يستهدف "تل أبيب".. هل فشل تحالف الازدهار؟
أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن استهداف "تل أبيب" - عاصمة دولة الاحتلال الإسرائيلي - بمسيّرة مفخخة؛ أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخرين.
تزامن ذلك مع رشقات صاروخية أُطلقت من جنوب لبنان إلى عُمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو تصعيد عسكري لافت قد ينقل المعركة إلى مرحلة أكثر شراسة، وفق مراقبين.
في السياق ذاته، قلل زعيم المليشيا، عبد الملك الحوثي، من فعالية الغارات الأمريكية - البريطانية على مواقع جماعته، أو الحد من الهجمات على السفن، مشيرا إلى أن هجمات، هذا الأسبوع، تمت بـ25 صاروخا باليستيا ومجنحا، وطائرة مسيّرة وزوارق بحرِية، الأمر الذي يفتح التساؤل عن فشل ما يسمى بتحالف الازدهار، ممثلا بالولايات المتحدة وبريطانيا، في ردع القدرات العسكرية الحوثية؟
- سياقات متعددة
يقول المحلل السياسي والعسكري الدكتور علي الذهب: "أبرز دلالات استهداف العُمق الإسرائيلي بطائرة مفخخة أن هنالك تخادما واضحا بين الجماعات الشيعية في المنطقة، وكما يبدو أن هنالك جماعة تستهدف وجماعة تعلن مسؤوليتها تجاه هذا الهجوم".
وأضاف: "ما جرى يأتي في إطار سياقات متعددة؛ من بينها أن هنالك أزمة مفتوحة في غزة، وقيام رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، بزيارة رفح، وما يمثله ذلك من استفزاز للقوى الفلسطينية، والقوى الداعمة لها".
وتابع: "كذلك يأتي في إطار قيام إسرائيل باستهداف قيادات من جماعة حزب الله اللبناني، حتى ظهر يوم أمس، ومحاولة فرض مليشيا الحوثي كقوة، ودفع السعودية للتطبيع، واشتراطاتها لهذا التطبيع باتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة".
وأردف: "سواء كانت هذه الهجمات تقف خلفها مليشيا الحوثي، أو المليشيات المسلحة الأخرى المدعومة من قِبل إيران، فكل طرف يحاول أن يقوم بهجوم معيّن، فيما يتبنّى الطرف الآخر الهجوم، نتيجة لردود الأفعال العنيفة المتوقعة".
وزاد: "إذا كانت الضربة قد تجاوزت الخطوط الدفاعية، أو الدفاعات الجوية الإسرائيلية، فإن هذا شيء وارد في ظروف الحرب، لكنني لا أتصوّر أن مليشيا الحوثي لديها القدرة الكاملة للوصول إلى هذا العمق، وإن كان هناك تصريح إسرائيلي واضح بأن الحوثيين هم من يقفون خلف هذا الهجوم، وأنه تم بطائرة من نوع صماد 3".
- تكامل بين محور المقاومة
يقول أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة تونس، إبراهيم الرفاعي: "إن هناك قراءة كلية، وهناك قراءة تتعلق بالحدث بحد ذاته، بإرسال طائرة يافا المسيّرة لاستهداف يافا، والإصابة كانت على مبنى للموساد الإسرائيلي في شارع يهوديت، وهذا له أكثر من دلالة وهدف".
وأضاف: "هذا الاستهداف له دلالة، ورسالة لكي تقوِّي من عضد من يتعرّض للضغوط الأمريكية للتطبيع، لكي لا يطبِّع ويسارع إلى التطبيع مع إسرائيل، مفادها أن البيت الصهيوني المسمى إسرائيل، بدءا مما يعتبرونها عاصمة له "تل أبيب"، بأنه أوهن من بيت العنكبوت".
وتابع: "من جهة ثانية، هذا الاستهداف يعني أن هناك تكاملا بين محور المقاومة، فهي كانت الضرب الثانية بعد ضربة حزب الله، التي استهدفت في شمال فلسطين في منطقة الجولان السوري".
وأردف: "كما يعني أن هناك ليست فقط الجبهة اللبنانية وإنما الجبهة السورية والعراقية بالإضافة إلى جبهة اليمن وغزة والضفة الغربية".
وزاد: "عملية الاستهداف تتكامل من زاوية إرسال رسالة لنتنياهو والأمريكيين أيضا مفادها أن زيارتك إلى محور فيلادلفيا - جنوب القطاع على الحدود المصرية- يا نتنياهو قبل زيارتك للولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تعتبرها إنجازا، بل إن تل أبيب هي ضعيفة، وأنك لا تحصد من وراء هذه الزيارة إلا هزيمة".
وقال: "لا يمكن لنتنياهو أن يسوّق زيارته للمحور في الولايات المتحدة الأمريكية، لا لدى أنصار ترامب، ولا أنصار بايدن، ولا اللوبيات الصهيونية، بأنه إنجاز؛ لأنه ما هو إلا إنجاز مزعوم وموهوم، بعد أن تعرّضت تل أبيب للاستهداف المباشر".
وأضاف: "هي أيضا رسالة ثالثة بالمعنى الكلي لجبهة الإسناد اليمني، بأن هناك إدراكا عميقا جدا في أن المكان الجيوسياسي لليمن كان ضمن حسابات التأسيس لهذا الكيان، بدءا من كامبل بنرمان، وصولا إلى وعد بلفور".
وتابع: "إذ أن كامبل بنرمان كان قد قرر زرع كيان في قناة السويس مرورا بالبحر الأحمر وباب المندب، لكي يكون لبريطانيا اليد الطولى في التجارة البحرية والممرات المائية البحرية، لذا فإن هذا الاستهداف يمثل هزيمة مزدوجة على مستوى التأسيس لمن أسس هذا الكيان، بأنه لن يكون له اليد الطولى في المضائق البحرية، بدءا من قناة السويس، وباب المندب، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وصولا إلى المتوسط".